مدحت عاصم

شعار كتاب الأغاني الثانيشخصية مصرية فاعلة ، دافعت عن رسالة ذات أبعاد وطنية متنوعة ، تداخلت فيها الموسيقى مع السياسة و الإعلام.

ولد مدحت عاصم في القاهرة عام 1909 ، و نشأ في مناخ أدبي وفني ووطني ، فقد كان والده إسماعيل بك عاصم محامياً وأديباً ومترجماً ومؤلفاً موسيقياً ، كما كانت والدته تعزف على البيانو ، ومنها أخذ اهتمامه بهذه الآلة الموسيقية. تخرج من مدرسة الزراعة ، وتعلم الموسيقى الشرقية على يد الشيخ درويش الحريري ، و الموسيقى الغربية على يد “رامبتزون الايطالي ” و “شليزبنغر ” الألماني، و “جوليودريندا “، و “جوزيف هوتيل ” التشيكي. عُرف بمهارته في العزف على البيانو، و قدرته في العزف على الناي والعود ، كما عُرف بنشاطه في مجال إلقاء المحاضرات الخاصة بنشر الوعي الموسيقي.

مدحت عاصم 1

مدحت عاصم

 ألَّف مدحت عاصم في صباه ، أي منذ عام 1924 ، سماعيات مصرية على مقامات شرقية ، كما اتجه لاحقاً لمعالجة الكثير من القوالب الموسيقية الغربية ، فقدم أول “رابسودي مصرية ”  عطشان يا صبابا ” وعزفها بنفسه على آلة ” البيانو” .

اختارته شركة ماركوني، صاحبة امتياز بث البرامج في الإذاعة المصرية في بداية الثلاثينات، ليدير القسم الفني الشرقي، فركز على البحث عن الأصوات الجديدة والمهارات المميزة في العزف والتلحين ، فقدم ابراهيم حمودة وفريد الأطرش ورياض السنباطي وليلى مراد ، كما حث المطرب الناشئ محمود الشريف على ترك الغناء واحتراف التلحين.

سجل مدحت عاصم بعض مؤلفاته على قالب التانغو، مع أوركسترا محمد حسن الشجاعي، الذي قام بالتوزيع الموسيقي لها، وفى مقدمة هذه الأغاني، ما قدمه بصوت فريد الأطرش كتانغو” من يوم ما حبك فؤادي ” ، وهو من كلمات مدحت عاصم وألحانه ، وكذلك تانغو” كرهت حبك من كتر صدك ” وهو من ألحانه و كلمات عبد العزيز سلام . كان مونولوج ” دخلت مرة في جنينة ” ، الذي لحنه لأسمهان ، مستخدماً إيقاع البوليرو ، على كلمات لعبد العزيز سلام ، أشهر ألحانه ، وكان أداؤه على آلة البيانو ، مصاحباً صوت أسمهان في المونولوج ، سبباً في دعوة عبد الوهاب لإدراج هذه الآلة في قصيدة ” الصبا والجمال ” ، وفي امتداح مدحت عاصم عبد الوهاب لاعتماده البيانو في هذه القصيدة ، وكذلك لاعتماده الغناء المرسل في أدائها.


لحن مدحت عاصم لكثير من المطربين والمطربات ، بحكم عمله في الإذاعة ، ويمكن التوقف هنا عند لحنه لقصيدة ابراهيم ناجيالناي المحترق ” التي غناها محرم فؤاد.


كان لمدحت عاصم نشاطات سياسية ووطنية ، فدخل السجن عدة مرات في الأربعينات ، و كان على علاقة بحركة الضباط الأحرار وثورتهم ، وبحركة الفدائيين التي رعتها الثورة ، ما وجه بعض نشاطاته الموسيقية لتتداخل مع السياسة ، إذ وضع الموسيقى التصويرية لفيلم ” مصطفى كامل ” ، من إخراج وإنتاج أحمد بدرخان ، الذي لم يُعرض إلا بعد ثورة تموز/يوليو ، ملحناً نشيد ” إحنا أبطال الثورة ” الذي ورد في الفيلم.


كتب  ولحن أيضاً نشيد الثورة الأول ” على الإله القوي الاعتماد ” وكلف ليلى مراد لأدائه ، ليصبح شعار الثورة ،  فيما لم يثبت أن نشيد بورسعيد الذي غناه فريد الأطرش عام 1956 كان من ألحانه .. كما يقال.


سلوى رحباني

سلوى رحباني ( نجوى )

نشر مدحت عاصم سلسلة مقالات في ” البلاغ الأسبوعي ” ، عرّف فيها بمؤلفي الموسيقى الكلاسيكية الغربية كموتسارت وفاغنر ، و بقوالب التأليف والتلحين في الموسيقى العربية والموسيقى الغربية ، كما دعا في مقالاته في مجلة ” السياسة الأسبوعية ” إلى الخروج بالأغنية العربية عن الصيغ القديمة إلى قوالب حديثة ترتبط بإيقاعات حية مرحة ، مع الحفاظ على النغم الشرقي الأصيل والطابع العربي. كان نشاطه الإعلامي مميزاً ، فقد كان يتابع نشاطات الإذاعات الأخرى على الساحة العربية ، ويعلق على ما يجده متوافقاً مع ما يدعو إليه ، ومن هذا ما كتبه لمجلة إذاعة الشرق الأدنى – عدد تموز / يوليو عام 1949 – وفي زاوية ” برامجنا في ميزان النقد ” تعليقاً على اسكتش ” عذارى الربيع ” للأخوين رحباني قائلاً : “لقد سُعدت حقاً وأنا أستمع إلى اسكتش “عذارى الربيع” للأخوين رحباني. كان برنامجاً طيباً. لعله من خير ما سمعت من برامج في “إذاعة الشرق الأدنى”. كل ما فيه لطيف وجميل لولا غلبة الموسيقى على الكلام في بعض المواقع. أبعث بقبلة إعجاب إلى الأخوين رحباني، مع أملي أن يسيرا على هذا النهج الجديد ويحافظا على لونه ومستواه”،  ثم عاد وامتدح عام 1950 أغنية ” أنت يا مي زهرة “، معلقاً على أداء نجوى ( سلوى رحباني شقيقة الأخوين التي كانت تغني أعمالهما قبل  السيدة فيروز ) فكتب : ” لم تكن من غنّت هذه الأغنية  جميلة الصوت، بما تعارف عليه أهل الفن من وصف جمال الصوت، ولم تكن مجوّدة للأداء النغمي من الناحية الموسيقية، ولكنها كانت تفهم ما تقول، وتعبّر عن هذا الفهم بما تسكبه من روحها في الغناء، حتى أحسست بأنفاسها حارةً تصعد مع النغم، وكدت أسمع خفق فؤادها مع اللحن. وهكذا في الغناء، كما في الناس، قد يغني الفهم وما في الروح عن الحسن والجمال”.. ولاحقاً غنت فيروز من ألحان مدحت عاصم أغنية ” القلب نال في هواك مناه  ” التي بثت على الهواء ولم تسجل.

حصل مدحت عاصم على جائزة الدولة التقديرية ، و على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى لعام 1978 ، كما عين مقرراً للجنة الموسيقى والأوبرا والباليه التابعة للمجلس الأعلى للثقافة منذ عام 1981 وحتى آخر يوم في حياته . بالمقابل كان له نشاط مميز في المحافل الدولية ، إذ نال عدة جوائز عالمية في الموسيقى ، و انتخب عضواً بمجلس إدارة المجلس الدولي الموسيقي التابع لهيئة اليونسكو.

توفي مدحت عاصم في اليوم الرابع من شهر شباط / فبراير عام 1989 .

د. سعد الله آغا القلعة

أغنيات لحنها مدحت عاصم

مقالات تناولت أغنيات لحنها مدحت عاصم أو تعلقت بألحانه

حلقات تلفزيونية تناولت فن مدحت عاصم

Tagged , , , , , . Bookmark the permalink.

Comments are closed.

  • هل تريد أن نعلمك عن جديد الموقع؟

    Loading