ابراهيم ناجي : الشاعر الذي حرضت وفاته وضع قصائده في دائرة الألحان!

شعار كتاب الأغاني الثاني

ابراهيم ناجي

ولد ابراهيم ناجي في القاهرة عام 1898 . كان لوالده أثر كبير في توجيهه إلى دراسة الأدب إلى جانب الطب. أصبح طبيباً في عام 1923 ولكنه تعمق إلى جانب ذلك في الثقافة العربية القديمة، فدرس العروض والقوافي وقرأ بإمعان دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهم، كما نهل من الثقافة الغربية ، فقرأ بحبٍ قصائد وردزورث وشيلي ، و تأثر بشعر بايرون ، مما وجهه إلى الشعر الرومنسي.
أصدر عدداً من دواوين الشعر ، ومنها : وراء الغمام عام 1934 ، وليالي القاهرة عام 1944 ، والطائر الجريح عام 1953 ، وكان يتمنى أن يتداول المغنون أشعاره ، وخاصة السيدة أم كلثوم ، في محاولة لمشابهة حالة محمد عبد الوهاب مع أحمد شوقي، دون أن تتحقق أمنيته.
يمكن تفسير المسافة الزمنية الطويلة بين ديواني وراء الغمام وليالي القاهرة ، التي امتدت لعشر سنوات ، بالحالة النفسية التي عاشها ناجي بعد النقد اللاذع الذي وجهه إليه الدكتور طه حسين ، في كتابه حديث الأربعاء!
تم رصد حالة وحيدة للتغني بأشعار ناجي ، في حياته ، وذلك حسبما أكد الأستاذ حسن توفيق في كتابه : ابراهيم ناجي ، الأعمال الشعرية المختارة ، نقلاً عن مجلة الراديو المصري ، إذ لحَّن محمد صادق ، وهو ملحنٌ ومغنٍ مصري ، سأتحدث عنه لاحقاً ، أبياتاً من ثلاث قصائد لناجي ، هي قصائد : ” الوداع ” ، و ” الغد ” ، و ” توأم الروح ” ، وغناها عام 1935 على الهواء ، في حفلات الإذاعة المصرية ، في بداياتها ، ولم تسجل.
لم تحرض هذه الألحان مساراً للتعامل مع قصائد ناجي ، إذ مرت دون انتباه ، فيما تسابق الملحنون على أشعاره ، بعد وفاته ، ومع ذلك يبقى أن محمد صادق ، كان الوحيد الذي غنى من شعر ناجي ، في حياته!
توفي الدكتور ناجي يوم 24 آذار / مارس 1953 ، و يبدو أن الوفاة حرَّضت وضع قصائده في دائرة الألحان ، إذ سرعان ما غُنيت قصائد عديدة له ، بُعيد وفاته ، في موجة بدأها محمد عبد الوهاب ، عام 1954 ، بقصيدة ” القيثارة ” ، التي كان اختار أبياتها من قصيدة طويلة لناجي عنوانها ” الخريف ” ، ليغنيها ، ربما قبيل وفاة الشاعر ، ولكنها لم تبث إلا عام 1954 ، بعد وفاته.  

محمد عبد الوهاب– القيثارة
أَيُّ سِــرٍّ فِيكِ إِنِّي لَسْــتُ أَدْرِي
كُلُّ مَا فِيكِ مِنَ الأَسْرَارِ يُغْرِي
خَطَرٌ يَنْسَابُ مِنْ مُفْتَـــــــرِّ ثـَغْرِ
فِتْنَةٌ تَعْصِفُ مِنْ لَفْتَــــــــةِ نَحْرِ
قَدَرٌ يُنْسَــــجُ مِنْ خُصْلَةِ شَـــعْرِ
زَوْرَقٌ يَسْــــبَحُ في مَوْجَةِ عِطْرِ
في عُبَابٍ غَامِضِ التَّيَّارِ يَجْرِي
وَاصِلاً مَا بَيْنَ عَيْنَــيْكِ وَعُمْرِي
رَفْرَفَ الصَّمْتُ وَلَكِنْ هَاهُنَــــــا
كُلُّ مَا فِيكِ مِنَ الْحُسْـــــنِ يُغَنِّـي
آهِ كَمْ مِنْ وَتَــــــــــرٍ نَـامَ عَـلَى صَدْرِ
عُودٍ نَوْمَ غَافٍ مُطْمَئِـــنِّ
وَبِهِ شَــــتَّى لُحُـــونٍ مِنْ أَسًــى
وَحَنِـيــــنٍ ، وَأَنِـيـــنٍ ، وَتَمَنِّـى
رَقَدَ العَاصِفُ فِــــــــيهِ وَانْطَوَتْ
مُهْجَةُ الْعُودِ عَلَى صَمْتٍ مُرِنِّ
هَـذِهِ الدُّنْيَـا هَجِـيـــــــــــــرٌ كُلُّهَـا
أَيْنَ في الرَّمْضَاءِ ظِلٌّ مِنْ ظِلاَلِكْ
رُبَّمَـا تَزْخَـرُ بِالْحُسْــــــــــنِ وَمَـا
في الدُّمَى مَهْمَا غَلَتْ سِرُّ جَمَالِكْ
رُبَّمَـا تَزْخَـرُ بِالنُّـــــــورِ، وكمْ
مِنْ ضِيَاءٍ وَهْوَ مِنْ غَيْرِكِ حَالِكْ
لَوْ جَرَتْ في خَاطِرِي أَقْصَى الْمُنَى
لَتَمَنَّيْتُ خَيَــــــــــــــالاً مِنْ خَيَـالِكْ

ثم جاء دور قصيدتي ” الأطلال” ، من ديوان ليالي القاهرة ، و ” الوداع ” ، من ديوان وراء الغمام ، اللتين تداولهما المطربون ، فجاءت أبياتٌ من قصيدة ” الوداع ” أولاً ، بصوت نجاة علي ولحن محمد فوزي ، عام 1954   و تضمنت البيت الشهير ” هل رأى الحب سكارى ” .


ثم أبياتٌ من قصيدة  ” الأطلال  ” ، بعنوان ” لست أنساك ” ، بصوت كارم محمود ، ولحن محمد صادق ، عام 1965 ،  قبيل غناء أم كلثوم لقصيدة الأطلال.


أتت قصيدة الأطلال من ألحان رياض السنباطي في 7 نيسان / أبريل 1966 ، وقد بنيت على أبياتٍ مختارة من قصيدتي ” الأطلال ” و ” الوداع ” لناجي ، اختارها رياض السنباطي ، لتحقيق البناء الموسيقي الذي أراده للحنه ، وفق تحليلي الذي قدمتُه في برنامجي التلفزيوني ” نهج الأغاني ” المنشور في هذه الموسوعة.

غنت أم كلثوم لناجي بعدها قصيدة أخرى ، هي ” أنشودة مصر “، وكذلك غنت سعاد محمد قصيدة ” انتظار “، من قصيدة لناجي جاءت في ديوانه بعنوان ” الغد ” ، وهي القصيدة التي سبق أن لحنها وغنّاها محمد صادق على الهواء عام 1935 ولم تُسجل ، والقصيدتان أيضاً من ألحان رياض السنباطي ، الذي لحن وغنى لناجي قصيدة ” يا حبيب الروح ” ، وهي أبياتٌ من قصيدة له جاءت في ديوان ” وراء الغمام ” بعنوان ” ساعة لقاء”.
فعلاً ، غريبٌ كيف أثارت وفاة ابراهيم ناجي الانتباه إلى أشعاره ، فحرضت وضعها في دائرة الألحان ، بعد فوات الأوان!

توفي إبراهيم ناجي يوم 24 مارس / آذار عام 1953 ، وبرحيله فقد الشعر العربي شاعراً مطبوعاً ، شغفته المرأة حباً ، فأحالت حياته إلى قلب معذب ونفس شقية قلقة ، فصور هذا الشقاء في أشعاره، التي هزت بصورها القلوب العاشقة.
د. سعد الله آغا القلعة

أغنيات كتبها ابراهيم ناجي

    مقالات تناولت أغنيات كتبها ابراهيم ناجي أو تعلقت بنظمه

    أفلام كتبها أو كتب بعض أغنياتها ابراهيم ناجي

      حلقات تلفزيونية تناولت فن ابراهيم ناجي

        Tagged , , , . Bookmark the permalink.

        Comments are closed.