أحمد شوقي

شعار كتاب الأغاني الثاني

أحمد شوقي

أحمد شوقي

ولد أحمد شوقي عام 1868 بحي باب اسماعيل بالقاهرة ، لأسرة موسرة ، امتزجت فيها الدماء العربية والتركية والجركسية واليونانية ، وتعود بأصولها إلى الشام. التحق بكتّاب الشيخ صالح ، ثم بالمبتديان ، فالمدرسة الخديوية. بدأ نظم الشعر وهو في الخامسة عشرة من عمره ، وقد توجه فيه إلى مدح الخديوي  توفيق ، الذي عينه في قسم السكرتارية  بالقصر. أتم تعليمه في المرحلة الثانوية عام 1885 ، وتخرج من مدرسة الحقوق عام 1887 ، ثم التحق بقسم الترجمة فيها عام 1890 .

أرسله الخديوي في بعثة تعليمية إلى فرنسا عام 1891 ، حيث درس الحقوق والأدب الفرنسي في “مونبلييه “، وعاش شعر هيجو ، ولامارتين ، وديموسيه وأساطير لافونتين. توثقت صلته بالقصر في عهد الخديوي عباس الثاني ، فأصبح شاعر الأمير، وحين خلع الإنجليز عباس الثاني عن العرش ، اشتد سخطه عليهم ، وعبر عن ذلك في شعره ، فنفوه إلى إسبانيا ، وبقي فيها طوال الحرب العالمية الأولى ، اطلع خلالها على آثار الحضارة العربية في الأندلس، وتغنى بها في أشعاره.
عاد إلى مصر عام 1920 م ليملأ الدنيا بأناشيده في الوطنية والعروبة والإسلام.

إمارة الشعر
كان التاسع والعشرون من نيسان/أبريل عام 1927 أخلد أيام شوقي، ففي هذا اليوم، بايعته أمة العرب على إمارة الشعر، في مهرجان ضخم بدار الأوبرا المصرية ، واشترك فيه شعراء وأدباء الأمة العربية ، وألقيت فيه كلمة الزعيم سعد زغلول.
دعا شوقي في أشعاره إلى تحرير المرأة ، ومنحها حقوقها السياسية والمدنية ، و دعا إلى تقديس الزوجية والأمومة ، و إلى دعم روابط الأسرة ، كما كان أول من اقتحم مجال المسرح الشعري ، وأعطى اللغة العربية قدرتها على الحركة والحوار، حيث كتب سبع مسرحيات هي: مصرع كليوباترة، قمبيز، علي بك الكبير، مجنون ليلى، عنترة، أميرة الأندلس، الست هدى. جمع قصائده في ديوان ضخم من أربعة أجزاء، سماه ” الشوقيات “.

شوقي وعالم الغناء
يرجع أول عهد شوقي بالغناء وأصحابه إلى صداقته مع عبده الحمولي و سلامة حجازي ، إذ وضع لهما نصوصاً للغناء ، ولكنه كان يرغب في ألا يشار إلى أنها من تأليفه . بعد عودته من المنفى غيَّر عادته ، وكتب مسرحيات شعرية وقعها باسمه ، و لاشك في أنه كان لدخول أحمد شوقي عالم الغناء ، و كذلك أحمد رامي ، وبيرم التونسي ، وبديع خيري ، الأهمية الكبرى في تطوير لغنة الغناء العربي ، والخروج بها عما كان سائداً قبل عصر النهضة.

رعى أحمد شوقي بدايات محمد عبد الوهاب ، وفتح له أبواب الشهرة ، واهتم بتلقينه الإيقاع الشعري للألفاظ ، إذ كان يرافقه بالترنم ، عندما كان يعرض عليه أعماله الجديدة ، فيصحح له. من المرجح أن اهتمام شوقي بعبد الوهاب ازداد ،عندما أدرك أهمية الغناء ، عموماً ، وعبد الوهاب ، خصوصاً ، في نشر شعره وتخليده ، منذ أن اشتهرت قصيدته ” خدعوها بقولهم حسناء ” ، عندما غناها عبد الوهاب ، عام 1927 ، وكانت أبياتاً غزلية ابتدأ بها شوقي قصيدة طويلة نظمها في فرنسا عام 1887 ، وأرسلها للخديوي توفيق مادحاً له ،  جاء من ضمنها البيت الشهير : نـظــرةٌ ، فـابـتـســامــةٌ ، فســلامٌ ، فـكـلامٌ ،  فـموعـدٌ ، فـلقاءُ …. نشر القصر القصيدة بعد أن حذف الغزل وأبقى على المديح ، ولما غناها عبد الوهاب .. خُلّد الغزل ونسي الناس المديح!

خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثنـــاء
أتراها تناست اسمي لما كثرت في غرامها الأسماء
إن رأتني تميل عني كأن لم تك بيني وبينها أشياء
نــظـرة فابتسامـة فســلام فـكـلام فـمـوعد فـلـقـاء
يوم كنا ولا تسل كيف كنا نتهادى من الهوى ما نشاء
وعلينا من العفاف رقيب تعبت في مراسه الأهـــواء
جاذبتني ثوبي العصي وقالت أنتم الناس أيها الشعراء
فاتقوا الله في قلوب العذارى فالعذارى قلوبهن هــــواء
نـظـرة فابتسامة فسلام فـكـلام فـمـوعد فـلـقـاء
ففراق يكون فيه دواء أو فراق يكون منه الداء

شوقي وعبد الوهاب
كان لشوقي تأثير كبير على عبد الوهاب ، وأعتقد أنه هو من أوحى لعبد الوهاب ،  ببناء أجزاء من ألحانه ، على جمل لحنية من الموسيقى الغربية أو من معاصريه ، فقد عُرف شوقي بمعارضاته للقصائد العربية الشهيرة ، إذ كتب ” ردت الروح ” معارضاً قصيدة ابن زيدون ” ودع الصبر محب ودعك ” ، وعارض بردة البوصيري في قصيدته ”  نهج البردة ، وعارض قصيدة أبي الحسن القيرواني ” يا ليل الصبُّ متى غده ” في قصيدته ” مضناك جفاه مرقده ” ، كما كان يؤكد في معرض حديثه عن الأفكار في القصائد ، بأن الأفكار على قارعة الطريق ، والمبدع هو من يقدر على صياغتها في أساليب  جديدة .. إذ نقل عنه الشاعر علي الجارم قوله :

 ” الابتداع المطلَق قليل نادر، ربما فاز به الشاعر المُجيد في بيت واحد من قصيدة طويلة. الشاعر الموهوب يُحسِن التوليد، ويأتي بالمعنى المولَّد من معانٍ قديمة، فيروعك حسنُ مأخذه. ألا ترى تشبيه ذوائب الحِسان بالليل في السواد والطول، وتشبيه وجه المليحة بالقمر، تشبيهان مبذولان ملقيان في الطرق، ولكن المتنبّي حين أخذهما صهرهما بذوقه، وأخرجهما من مصنع فنّه، في ثوب جميل برّاق حين قال: نشرت ثلاث ذوائب من شعرها في ليلة فأرت لياليَ أربعا، واستقبلت قمر السماء بوجهها فأرتْنِيَ القمرينِ في وقتٍ معا” .

أعتقد أن هذا المقال كشف ، كما شرحتُ في برنامجي ” عبد الوهاب مرآة عصره ” ، الطريق التي وجَّه شوقي عبد الوهاب إليها ، في بداياته التلحينية ،  لاعتماد التوليد على ألحانٍ قديمة ، ومنها ألحانه للقصائد الأولى : ” ردت الروح ” ، و ” خدعوها بقولهم حسناء ” ، مثلاً ، التي وضع ألحانها على نهج ألحان القصائد التي لحنها عبده الحمولي و أبو العلا محمد ..

ومع ذلك ، فقد ابتعد عبد الوهاب ، عندما بنى ألحانه لبعض القصائد على الإيقاعات الراقصة الغربية عن قصائد شوقي ، احتراماً له ، فجاءت قصيدة ” جفنه علم الغزل ” من شعر بشارة الخوري ( الأخطل الصغير ) ، وجاءت قصيدة “سهرت منه الليالي ” من شعر حسين أحمد شوقي ابن شوقي ، فيما جاءت قصيدة ” عندما يأتي المساء ” من شعر محمود أبو الوفا.

غنى عبد الوهاب من شعر شوقي قصائد خالدة ، نذكر منها ” يا جارة الوادي ” ،” قيس وليلى ” مع أسمهان ، ” جبل التوباد ” ، ” مضناك جفاه مرقده “، كما كتب شوقي بالعامية لعبد الوهاب مونولوجات رومنسية ساحرة ، كان من أهمها  مونولوج ” في الليل لما خلي”  ، الذي أرسى من خلاله لوناً جديداً في دنيا النص الغنائي العامي ، اختص بالوصف.

فى الليل لما خلي إلاّ من الباكي
والنوح على الدوح …حلي
للصارخ الشاكي
ما تعرف المبتلي
فى الروض من الحاكي
سكون .. ووحشة وظلمة
وليل ملوش اخر
ونجمة مالت ونجمة حلفت ما تتاخر
ده النوم يا ليل نعمة ..
يحلم بها الساهر
الفجر شقشق وفاض
على سواد الخميلة
لمح كلمح البياض
من العيون الكحيلة
والليل سرح فى الرياض
أدهم بغرة جميلة
هنا .. نواح ع الغصون
وهناك بكى فى المضاجع
ليه تشتهي النوم عيون
وعيون سواهي هواجع
ودوح غرق فى الشجون
ودوح ما شافش المواجع
يا ليل أنيني سمعته
والشوق رجع لي وعاد
وكل جرح وسعته
وكل جرح بميعاد
كم من مفارق وجيعته
وليله هجر وبعاد

شوقي وأم كلثوم وأسمهان
غنت له أم كلثوم، من ألحان رياض السنباطي قصائد دينية وعاطفية ، نذكر منها ” سلوا قلبي ” ، و ” نهج البردة ” ، و ” سلوا كؤوس الطلا ” ، فيما  غنت له أسمهانهل تيم البان ” من ألحان محمد القصبجي ، وشاركت عبد الوهاب في أوبريت ” قيس وليلى “.

تجدر الإشارة إلى أن أحمد شوقي ، وإمعاناً في دعم مسيرة عبد الوهاب ، نظم له بالعامية ، ومنذ عام 1924  ، مواويلَ وأغانٍ خصيصاً ليغنيها ، منها أغنية دار البشاير ، التي نظمها شوقي بمناسبة زفاف نجله ، فلحنها عبد الوهاب وغناها في حفل الزفاف.


كما غنى له عدة مواويل بالعامية ومنها  موال قلبي غدر بي عام 1924.


شيعت أمة العرب شاعرها في الثالث عشر من تشرين الأول / أكتوبر عام 1932 ، وأقامت له إيطاليا تمثالاً بين تماثيل الخالدين في فيلا بورجيزي، أزيح عنه الستار عام 1962 .

تمثال أحد شوقي

تمثال أحمد شوقي


د. سعد الله آغا القلعة

أغنيات كتبها أحمد شوقي

مقالات تناولت أغنيات كتبها أحمد شوقي أو تعلقت بنظمه

أفلام كتبها أو كتب بعض أغنياتها أحمد شوقي

    حلقات تلفزيونية تناولت فن أحمد شوقي

    Tagged , , , , , . Bookmark the permalink.

    Comments are closed.