سلوا كؤوس الطلا : القصيدة التي بنيت على مقام موسيقي نادر وأدخلت شعر أحمد شوقي عالم أم كلثوم الغنائي على المسرح مجدداً وسمحت لها بتجاوز احتكار محمد عبد الوهاب له

شعار كتاب الأغاني الثاني

في تمهيد لنشرتي القادمة ، أتوقف اليوم عند القصيدة التي أدخلت شعر أمير الشعراء أحمد شوقي عالم أم كلثوم الغنائي على المسرح مجدداً بعد توقف: سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها؟ فأنشر هذا المشهد المقتطف من برنامجي التلفزيوني ” عبد الوهاب مرآة عصره ” من أعمال عام 1992 ، وإخراج الأستاذ رياض هاني رعد ، الذي أشرح فيه الظروف التي دفعت أم كلثوم لاستعادة هذه القصيدة ، بعد وفاة شوقي بأربعة عشر عاماً ، و لدعوة الأستاذ رياض السنباطي في عام 1946  ليلحنها ، فتتجاوز ، وفي ظل أسباب تبرر لها ذلك ، احتكار الأستاذ محمد عبد الوهاب ، حتى ذلك الوقت ، لشعر شوقي ، فتتتالى قصائده في أغانيها لاحقاً!

يتضمن المشهد شهادة أم كلثوم حول الواقعة التي بررت لها دعوة شعر شوقي ليدخل عالمها الغنائي!

والواقع أنني اخترت هذه القصيدة بالذات لأتوقف عندها اليوم ، في متابعة لأجواء نشرة البارحة التي كانت في ذكرى رحيل الشيخ عمر البطش ، لأن لحن هذه القصيدة أتى على مقام السيكاه الأصلي نادر الاستخدام ، وهو المقام ذاته ، الذي كان الأستاذ عبد الوهاب  ، في تلك الليلة الشهيرة في حلب ، قد طلب من الشيخ عمر البطش ، أن يسمعه موشحات بنيت عليه  ، فوعده ، على أن يكون ذلك في الليلة التالية ، رغم علمه بعدم توفر تلك الموشحات ، ثم ذهب لبيته ، ولحن ثلاثة موشحات على ذلك المقام ، وأسمعها لعبد الوهاب في الموعد المحدد.

وقد جاء اختياري لها أيضاً ، لأنني سأخصص نشرتي التالية للتوقف عند مقام السيكاه الأصلي ، ومن خلال أمثلة عملية ، نظراً لورود أسئلة كثيرة هذه الأيام إلى بريد الموقع،  و بريد صفحتي على منصة فيس بوك ، تستفسر عنه و عن كيفية تجسيده ، إذ يستعاد ذكره ، كلما مرت ذكرى عمر البطش ، واستذكر الكتّاب تلك الحادثة ، التي شاعت وانتشرت  منذ أن وثقتُ لها لأول مرة في عام 1985!

 



إيضاح وسؤال

أم كلثوم غنت من شعر شوقي في عام 1938 قصيدتين : ذاد الكرى ومقادير من جفنيك ، وكان ذلك قبل الحرب العالمية الثانية ، وفي عام 1941 ، غنت قصيدة للملك فاروق من شعر شوقي : الملك بين يديك ، مع تركيزها في تلك الفترة في الأغاني العاطفية على بيرم التونسي وزكريا أحمد ، وبعد الحرب رغبت في العودة إلى القصائد العاطفية وإلى شوقي فقدمت في عام 1946 سلوا كؤوس الطلا ثم سلوا قلبي والقصائد الأخرى حتى عام 1954 ، كما هو موثق في موسوعة أم كلثوم للدكتورة إيزيس فتح الله و المؤرخ المعروف محمود كامل ، وأعتقد أنها توقفت ، بعد أن أعاد عبد الوهاب تلحين قصيدة مقادير من جفنيك ، التي بدأت بها أم كلثوم تعاملها مع شعر شوقي، في حادثة نادرة!
ويبقى السؤال التالي مطروحاً : لماذا لم تسعَ أم كلثوم لكي تغني هذه القصيدة عندما عرضها عليها شوقي ، في دعوة مستترة لتغني من شعره؟



د. سعد الله آغا القلعة

Bookmark the permalink.

Comments are closed.