إنهاء قسري لمسيرة فنية واعدة وعودة إلى لبنان
عادت نور الهدى إلى لبنان وعمرها لا يزيد عن 29 عاماً! لم تكن الساحة الفنية هناك جاهزة لاستقبالها كنجمة سينمائية ، أنجزت 24 فيلماً في 10 سنوات في القاهرة ، بسبب ضعف صناعة السينمائية اللبنانية ، و كنجمة في الغناء ، نظراً لتشكل مجموعات فنية متضامنة ، رغم سعيها للتعاون مع الأخوين رحباني وغيرهما دون نتيجة ، ولتركيزها لفترة طويلة على الإقامة في مصر. كان فيلم لمن تشرق الشمس الفيلم الوحيد الذي قامت ببطولته في لبنان في عام 1958 من إخراج المخرج السوري يوسف فهدة.
غنت نور الهدى في الفيلم 5 أغنيات لم تحظ بشهرة تجاري نجومية بطلته.
بالنتيجة لم يبق لنور الهدى إلا أن تركز ما أمكنها على إقامة الحفلات ، وتنفيذ مسلسلات إذاعية وتلفزيونية ، وتكرار أغانيها القديمة أو أغاني محمد عبد الوهاب.
سجلت نور الهدى الدور المفقود الذي لحنه محمد عبد الوهاب ولم يسجله وهو دور لو كان فؤادك يصفالي.
في مرحلة ما بعد القاهرة لحن لها خالد أبو النصر قصيدتين على إيقاعات غربية مازالتا تعرفان بصوتها وذلك سنة 1952 :بوليرو ليلى وتانجو الأمل ، وهما من أجمل ما غنـت. كما دعاها فريد الأطرش في عام 1961 لتشاركه في حفلته المقامة في سينما ريفولي بالقاهرة. لحن لها فريد أغنية : لأ مش كده من كلمات اسماعيل الحبروك وكانت هذه خاتمة نشاطها في القاهرة.
ثنائيات
نور الهدى وفريد الأطرش
شكلت نور الهدى مع محمد فوزي ثنائياً فنياً ، إذ قاما معاً ببطولة أربعة أفلام هي : نرجس 1948 وغرام راقصة 1950 ومجد ودموع 1946 وقبلني يا أبي 1947 ، كما شكلت مع فريد الأطرش ثنائياً آخر ، بعد انفصاله عن سامية جمال في عام 1952 ، فمثّلت معه في ذلك العام فيلمي : عايزة أتجوز الذي تضمن أوبريت عايزة اتجوز ، و ما تقولش لحد ، الذي تضمن أوبريت : ما تقولش لحد ، و ياساعة.
مع الملحنين
كان رياض السنباطي صاحب الألحان الأوفر عدداً التي غنتها نور الهدى ، إذ لحن لها 24 أغنية ، ليليه محمد القصبجي ب 11 أغنية ، ثم محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وكل منهما لحن لها 8 أغنيات ، فمحمد فوزي الذي لحن لها 6 أغنيات. أتوقف هنا عند قصيدة إلى الحبيب من نظم بشارة الخوري ولحن رياض السنباطي
من المهم التوقف عند لحن زكريا أحمد لنور الهدى : يبوح لي بحبه واتألم من نظم عباس كامل الذي أكمل عقد تعاملها مع ملحني السيدة أم كلثوم التقليديين.
الأغاني الدينية
وبالرغم من أن نور الهدى مسيحية أرثوذكسية إلا أنها غنت الكثير من القصائد الدينية الإسلامية ومن ذلك : يا مدبر الكون ، يا ناصر المؤمنين ، يا من إليه القلب يبتهل ، .. و قصيدة تباركت يارب من خالق ، من كلمات شريفة فتحي، وألحان رياض السنباطي، وقد غنتها في آخر أفلامها “حكم قراقوش” أمام زكى رستم، وسراج منير عام 1953.
كما قدمت التراتيل المسيحية ومنها اليوم علق على خشبة
صوت نور الهدى
يتميز صوت نور الهدى بخامة جميلة مختلفة عن الأصوات الأخرى المعاصرة ما يجعله قابلاً للتمييز بوضوح. بالمقابل يتصف صوتها بالقوة و المرونة والحضور الأخّاذ والقدرة على أداء الزخرفة والانتقالات اللحنية ، ممتداً على مساحة صوتية واسعة تتركز في المنطقين الوسطى والحادة. يغلب على أدائها الاستعراض الصوتي ما يخفف من وضوح الجرعة الدرامية في أدائها.
تميز صوت نور الهدى أيضاً بالقدرة على أداء الغناء المعتمد على التطريب ، بتضاريسه وتلويناته ، والغناء الخفيف ، والراقص ، والرومنسي بامتدادته ، والأسلوب الجبلي اللبناني ، الذي يعتمد ترجيف الصوت ، وحتى في الأغاني الدينية استطاعت تمثل أجواء الخشوع!
أسئلة ما زالت معلَّقة
توفيت نور الهدى في 9 تموز / يوليو 1998 تاركة إرثاً فنياً كبيراً تركز أساساً في أغانيها السينمائية ، التي لحنها كبار الملحنين ، والتي يجدر بنا أن نتوقف عندها ملياً ، وفق ما تسمح لنا الظروف بذلك ، ولكنها تركت بالمقابل أسئلة معلَّقة:
أولاً: لماذا أوقف مسارها الفني في القاهرة ؟ هل بفعل الديون أم الضرائب أم التنافس أم السياسة؟
ثانياً: لماذا لم تقبلها الساحة الفنية اللبنانية ؟ هل لأنها بنت مسيرتها الفنية في مصر أم لأنها لم تجد ملحناً يتبنى صوتها أم لأنها وريثة مدرسة اعتبرت قديمة لا تتوافق مع نهوض لبنان ورسالته التي وضعت له عند إنشائه ؟
ثالثاً: هل تعرضت أصوات لبنانية أخرى بنت مسيرتها في مصر ( صباح ، نجاح سلّام ، سعاد محمد ، لور دكاش ، وديع الصافي ) لمثل هذا ما تعرضت له نور الهدى عندما عادت إلى لبنان؟ وماهي الحلول التي وضعتها تلك الأصوات لتجاوز ذلك الواقع!
رابعاً: هل كانت مصلحة الضرائب متشددة مع الفنانين الآخرين في مصر؟
خامساً: هل أخطأ نقولا بدران والد نور الهدى عندما دخل عالم الإنتاج محماً ابنته عبء الخسائر؟
أغنيات غنتها نور الهدى أو شاركت فيها
- نور الهدى – اسمعني لما أغني
- نور الهدى – تباركت يا رب
- نور الهدى – فين الحبيب
- نور الهدى – قصيدة إلى الحبيب – نم إن قلبي
- نور الهدى – قولوا لشاكي الهوى
- نور الهدى – كيف ولّى زماني
- نور الهدى – نوحي يا عين
- نور الهدى – يا رب سبَّح بحمدك كل شيء حيّْ
- نور الهدى – يبوح لي بحبه واتألم
- نور الهدى وفريد الأطرش – مشهد من أوبريت أنا عايزة اتجوز
مقالات تحليلية تناولت فن نور الهدى أو أغنيات غنتها أو شاركت فيها
- أغنية فين الحبيب بصوت نور الهدى وألحان محمد القصبجي: عندما يحدد الملحن الجو العام للّحن بناء على كلمة!
- اسمعني لما أغني لنور الهدى : عندما كرر فريد الأطرش كلمات في النص لغايات تعبيرية ، واستحضر طيف شقيقته أسمهان ، بعد مرور سنتين على وفاتها!
- نور الهدى : مسيرة فنية ثرية في القاهرة لم تجد من يدافع عنها.. بدأت مع الأدوار والموشحات وأغاني عبد الوهاب القديمة وانتهت بها!
- يارب سبَّح بحمدك كل شيء حيّْ لنور الهدى: عندما عبَّر بيرم التونسي عن نظرته إلى الحياة في مسارها وختامها!
- يوسف وهبي .. اكتشف نور الهدى ووثق لرحيل أسمهان و قدم عبد الحليم وليلى مراد و محمد فوزي لأول مرة!
أفلام مثلت فيها نور الهدى
حلقات تلفزيونية تناولت فن نور الهدى
- حياة وفن فريد الأطرش – الحلقة التاسعة عشرة – 1 : عام 1951: عودة إلى الشكلانية في ظل خللٍ في العلاقة العاطفية و حاجةٍ إلى محرض فني جديد!
- حياة وفن فريد الأطرش – الحلقة التاسعة عشرة – 2 : دخول نور الهدى عالم فريد الموسيقي يغنيه و يمهد لخروج سامية جمال!
- حياة وفن فريد الأطرش – الحلقة الحادية والعشرون – 1 : شخصية تلحينية جديدة لنور الهدى أوقفها منعٌ غير مبرر ليتابعها آخرون!
- حياة وفن فريد الأطرش – الحلقة الحادية والعشرون – 2 : بين التفوق في نجوم الليل .. و التراجع في فارس الأحلام!
- حياة وفن فريد الأطرش – الحلقة العشرون – 1 : لحن الخلود : لحنٌ استجمع القدرات الموسيقية ليعبر عن الخلود .. فأرّخ للفراق!
- حياة وفن فريد الأطرش – الحلقة العشرون – 2 : عام 1952 : تداخل الأجواء الكوميدية و التراجيدية لأسباب سينمائية إنتاجية يخلط الرسائل في فترة انتقال عاطفية .. ووطنية!