
مصالحة أم كلثوم مع زكريا أحمد بوجود القاضي عبد الغفار حسني
أنشر اليوم تفاصيل الخلاف بين زكريا أحمد وأم كلثوم حول حقوق الملحن الفكرية والمادية في لحنه ، وذلك في ذكرى المصالحة التي حصلت بينهما في مثل هذا اليوم ، بعد 12 سنة من النزاع في المحاكم، ما أدى إلى أن زكريا امتنع عن التلحين لأم كلثوم على مدى اثني عشر عاماً ، فضاعت سنوات من الإبداع ، وعندما حلَّت المصالحة ، لحن لها أغنية واحدة هي : هو صحيح الهوى غلّاب ، ثم رحل عن هذه الدنيا!
الخلاف
في نهاية الأربعينات من القرن العشرين ، كان الحديث عن حقوق المؤلف والملحن قد أخذ أبعاداً جديدة في مصر ، بسبب الخلاف الكبير بين زكريا أحمد وأم كلثوم ، بعد عرض فيلم فاطمة عام 1948 ، حول حقوق زكريا في ألحانه.
كان الشائع أن يشتري المغني اللحن والنص لمرة واحدة، وهو مارفضه زكريا ، مستنداً إلى عقدٍ كان وقعه مع الإذاعة في منتصف الثلاثينات ، يقضي بأن يحصل ، مقابل ألحانه ، على 5% من أجر أى مطرب أو مطربة يغني اللحن . استثنى العقد أم كلثوم ، تاركاً تحديد النسبة للتفاوض حسب الأغنية ، فيما كانت أم كلثوم ترى أنها تشتري اللحن لمرة واحدة.
أقام زكريا الدعوى على الإذاعة أمام المحاكم المصرية ، ثم ضم إليها السيدة أم كلثوم ، وطالبهما ، متضامنين ، بدفع مبالغ كبيرة ، وصلت إلى آلاف الجنيهات. دام النظر في القضية حوالي 12 سنة ، صدر خلالها ، وفي عام 1954 تحديداً ، قانـون حماية الملكية الفكرية والفنية في مصر الذي حمل الرقم 354 ، وقضى بحفظ حقوق الملحن والشاعر و الناشر ، وتحصيل تلك الحقوق ، من قبل جمعية المؤلفين والملحنين ، لدى بيع نسخ الأسطوانات التي تحمل الأغنية ، أو لدى بث الأغنية عبر أثير الإذاعات ، ما أبرز توجهاً قانونياً جديداً ، أثر على مسار القضية.
المصالحة
انتهت المحاكمة بمصالحة في يوم 25 كانون الثاني / يناير 1960 ، و قام بها المستشار عبد الغفار حسني ، القاضي الذي كان سيحكم في القضية ، وكان محباً لفن أم كلثوم وزكريا.
قضت المصالحة بأن يلحن الشيخ زكريا لأم كلثوم ثلاث أغنيات خلال العام 1960 ، مع تحديد المقابل المالي لذلك مسبقاً ، وكأنما كان هناك سعيٌ لاستدراك ماضاع طيلة سنوات الخلاف. وضع بيرم التونسي رفيق عمر زكريا نص الأغنية الأولى: ” هو صحيح الهوى غلّاب ” معبراً عن المصالحة التي تمت ، وعن لسان حال زكريا وأم كلثوم ، وهما أيضا رفيقا عمر ، قائلاً :
هو صحيح الهوى غلاب … معرفش أنا
والهجر قالوا مرار وعذاب .. واليوم بسنه
صاغ زكريا اللحن على مقام الصبا ، معبراً أيضاً عن أسفه على ضياع تلك السنوات ، ولعله كان يشعر أن العمر سيخذله في القادمات من الأيام ، وأنه لن يتمكن من تلحين الأغنيتين التاليتين حسب بنود المصالحة ، فيما غلف الأسى تعبير أم كلثوم لدى أداء الأغنية ، التي أتوقف عندها بالتحليل لاحقاً.
أدت أم كلثوم الأغنية لأول مرة في حفل يوم 1 كانون الأول / ديسمبر 1960 ، ما يعني أن بيرم استطاع الاستماع إلى الأغنية مرة واحدة ، في ذلك الحفل ، إذ توفي قبل أن تعيد تقديمها مرة ثانية في حفلها يوم 2 شباط / فبراير 1961 ، أما زكريا فقد استطاع الاستماع إلى الأغنية في ذلك العرض الثاني أيضاً ، ليرحل عن هذه الدنيا بعد ذلك بأيام!
أدت أم كلثوم الأغنية على المسرح 19 مرة ، بين عامي 1960 و 1968 ، منها 7 مرات في عام 1961 ، وهو العام الذي شهد رحيل زكريا وبيرم ، في تعبير واضح عن الأسف على سنوات من الإبداع ، ذهبت إلى غير رجعة!
الاغنيه رائعه للعمالقه بيرم التونسي وذكريا احمد وربما هذا الخلاف مع ام كلثوم كان له نتائج لصالح المؤلفين والملحنيين