تسريع التسجيلات لكي تحتويها الأسطوانات الأولى سمح لعبد الوهاب أن يصغّر عمره عشر سنوات!

شعار كتاب الأغاني الثاني

في بداية القرن العشرين، كان تصنيع الأسطوانة بدائياً ، وكان عدد الدورات المعتمد 78 دورة في الدقيقة ، وكانت المدة التي يمكنها استيعابها محددة  لكل وجه : 3 دقائق إذا كان قطر الأسطوانة 25 سنتيمتراً ، أو 5 دقائق إذا كان قطرها 30 سنتيمتراً .

ولما كان القياس المعتمد في البدايات 25 سنتيمتراً ، فقد كانت المدة الإجمالية لوجهي الأسطوانة لا تزيد عن 6 دقائق ، مع احتمال استيعاب بضع ثوانٍ إضافية لا أكثر.. كان التسجيل يتم في القاهرة على اسطوانات من الشمع ، تسمى “الماتريس “، أو النسخة الأساسية ، ثم ترسل هذه النسخ الأساسية إلى ألمانيا أو فرنسا للنسخ ، وكثيراً ما كان يُكتشف في مصنع النسخ ، أن مدة التسجيل كانت أطول من المدة الممكن نسخها.
كانت الفروق في الزمن قليلة غالباً، لأن القيمين على التسجيل كانوا يعرفون حدود المدة ، دون أن يستطيع المطربون الالتزام بها تماماً، نظراً لأن الأغاني كانت ، في غالب الأحيان ، تتضمن القصيدة المرسلة أو الموال. كان مهندسو النسخ يعمدون ، لمعالجة هذا الواقع ، إلى تسريع التسجيل قليلاً لاستيعاب المدة ، مما كان ينتج عنه تغيير طبيعة الأصوات الغنائية والموسيقية.

عبد الوهاب وقصيدتي ويلاه ما حيلتي و أتيت فألفيتها ساهرة اللتين سجلهما عام 1921

من أهم النماذج على تسريع التسجيلات التي تزيد مدتها عن المدة التي تستوعبها الأسطوانات ، قصيدتا  ” ويلاه ما حيلتي ”  ، و ” أتيت فألفيتها ساهرة ” من ألحان سلامة حجازي وغناء محمد عبد الوهاب. سجلهما عبد الوهاب عام 1921 ، أي عندما كان عمره 21 عاماً ، وظهر صوته فيها ، بسبب تسريع التسجيل ، وكأنه صوت طفل صغير ، فاعتمد على هذا لاحقاً في تصغير عمره ، ليصبح من مواليد 1910!
ومما يدلنا على حصول ذلك التسريع، تناوب نقرات آلة القانون في سرعة زائدة ، وارتفاع الطبقة الصوتية للآلات الموسيقية وخاصة الكمان..

طبعاً لو كان المعنيون دققوا عندما ادعى ذلك ، لوجدوا أن اسم عبد الوهاب الذي أتى مطبوعاً على الأسطوانة كان : محمد أفندي عبد الوهاب ، كما تبين الصورة أعلاه،  ولم يكن من المعقول أن يدعى طفلٌ صغير ، بلقب “أفندي” ، كما ادعى عبد الوهاب لاحقاً!
أصبح من الممكن حالياً تعديل السرعة لتعود إلى وضعها الطبيعي ، بالاعتماد على الطبقات الصوتية المنفذة في التسجيلات التي تعود للفترة الزمنية ذاتها ، التي تم فيها التسجيل ، وكانت صحيحة المدة ، ومقارنتها .

كنتُ أبرزت هذا في الحلقة الأولى من برنامجي التلفزيوني عبد الوهاب مرآة عصره ، في عام 1991 ، و أسمعت الجمهور التسجيل معدل السرعة مباشرة ، بعد الاستماع إلى التسجيل الأصلي.
بعد أن تم بث البرنامج ، تم اعتماد ولادة عبد الوهاب مع ولادة القرن العشرين ، وليس كما قال!

وإليكم المقارنة :

التسجيل الأصلي لأسطوانة ويلاه ما حيلتي المدة 6:08 دقيقة:

ولنقارن الآن مع التسجيل التالي بعد تعديل السرعة لأسطوانة ويلاه ما حيلتي ، وفق المقارنة مع تسجيلات دقيقة المدة في الفترة الزمنية ذاتها . أصبحت المدة 7:19 دقيقة :

عبد الوهاب – ويلاه ما حيلتي التسجيل معدل السرعة

د. سعد الله آغا القلعة

Tagged , . Bookmark the permalink.

Comments are closed.