من كتب نص قصيدة لملمت ذكرى لقاء الأمس بالهدب للسيدة فيروز ..؟

شعار كتاب الأغاني الثانينشر هذا المقال لأول مرة على صفحتي على منصة فيس بوك بتاريخ 28 كانون الثاني / يناير 2017  ونقل من قبل العديد من الصفحات في حينه ، ثم أعيد طرحه ، ولذا فقد رأيت إعادة نشره مجدداً.

هذا السؤال ورد بتاريخ December 1, 2016 at 11:37am :
ماهو رأيكم فيما يتم تداوله على الإنترنت حالياً ، من أن نص قصيدة لملمت ذكرى لقاء الأمس ، التي غنتها فيروز، ليس للأخوين رحباني ،  بل هو لشاعر اسمه علي محمد جواد بدر الدين ، وأن عاصي رحباني اشتراها وغيرها منه بمبلغ 30 ليرة لبنانية ؟

إليكم الإجابة:

قصيدة ” لملمت ذكرى لقاء الأمس بالهدب ” موثقة في نظام معلومات الموسيقى العربية ، على أن النص لمنصور رحباني ، و اللحن لعاصي .. لدى العودة إلى النصوص التي نقلت هذا الاتهام ،  تبين أن الشاعر المذكور في السؤال من مواليد 1949 ، وقيل 1948 .. فيما كانت السيدة فيروز قد سجلت هذه القصيدة في عام 1955 في القاهرة ، ضمن مغناة ” حلوة الموطن ” ، التي أنشرها هنا ، حيث تبدأ القصيدة في الدقيقة الرابعة من التسجيل .. طبعاً كان عمر ذلك الشاعر حينها 6 سنوات! فهل كتبها في تلك السن المبكرة !


فيما بعد ، أعادت السيدة فيروز تقديم القصيدة ضمن أسطوانة الموشحات ، مع محمد غازي الصادرة عام 1957 ، وكان عمر الشاعر 8 سنوات .. وعلى الغلاف الخلفي للأسطوانة ، الذي أنشره أيضاً ، كُتب أن النص لمنصور ،  واللحن لعاصي..


ولاحقاً ، غنت السيدة فيروز هذه القصيدة في سياق حفلها في دمشق على مسرح معرض دمشق الدولي عام 1960 ،  و أنشر هنا تسجيل الأغنية من الحفل :


كما أنشر الغلاف الخلفي للأسطوانة ، وعليه التاريخ 1960 .. طبعاً كان عمر الشاعر المذكور 11 سنة!


هناك طبعاً إثباتات كثيرة أخرى ولكنني أكتفي بهذا!

بالنتيجة : أنا أستغرب كيف يستسهل البعض إطلاق اتهامات لا أساس لها تطال قامات كبيرة ، ما يدعوني للتذكير بأن شبكة الإنترنت تحفل بالكثير من المعلومات التي لا تمت للحقيقة بصلة!

تجدر الإشارة إلى أن لا علاقة للشاعر بالأمر .. إذ أنه توفي في الثمانينات من القرن الماضي، كما قيل.

تحليل علاقة نص الأغنية بالشاعر المذكور في سياق اللوحة الغنائية : حلوة الموطن ..

من استعراض النص ،  يتبين أن نص قصيدة ” لملمت ذكرى لقاء الأمس ” يأتي على لسان صبية شاعرة ، وذلك من عدة أبيات فيها : ( ما للعصافير تدنو ثم تسألني أهملتِ شعركِ راحت عقدة القصب  –   حيرى أنا يا أنا و العينُ شاردةٌ أبكي و أضحك في سري بلا سبب – أهواه من قال إني ما ابتسمت له دنا فعانقني شوقٌ إلى الهرب – حيرى أنا يا أنا أنهدُّ متعبةً خلف الستائر في أعياء مرتقب) ، وهو نصٌ كتبه منصور رحباني لتغنيه سيدة هي فيروز ، بينما نجد من الصعوبة بمكان ، قبول أن يكتبه شاعرٌ ليفصح به عن مشاعره ، من جهة ، أو بقصد تقديمه لسيدة كي تغنيه ، إذ أن الشاعر الذي نسبت إليه القصيدة ، كان له مسار في حياته ، بعيد تماماً عن مسارات الفن والغناء..

المجموعة:
بالقوام اللين حلوة من موطـني تنثني…. تنثني في طريقها الهني
وخصور السوسن بالعبير الموهن تنحني… تنحني للصبا الملون
وجهها النحيل ..يملأ القلوب هدبها الجميل بالهنا يذوب
امرحي في موطـني إلعبي واستوطني واسكني واسكني في الهوى المحصن
صوت شاب :
أجارتنا شمسٌ تضيئ وتغربُ ودنيا على الدنيا تطلُّ وتذهبُ
وأنتِ إلى عيني أحب من الكرى وألصق فيه مني هواكِ وأطربُ
سيذبل عطر الورد يوماً يمَّحي وعطرك في شعري يضوع ويعذبُ
فيروز – هند
لملت ذكرى لقاء الأمس بالهدب و رحت أحضنها في الخافق التعب
أيدٍ تلوح من غيبٍ و تغمرني بالدفء و الضوء بالأقمار بالشهب
ما للعصافير تدنو ثم تسألني أهملتِ شعركِ راحت عقدة القصب
رفوفها وفضولٌ في تلفتها تثير بي نحوها بعضا من العتب
حيرى أنا يا أنا و العينُ شاردةٌ أبكي و أضحك في سري بلا سبب
أهواه من قال إني ما ابتسمت له دنا فعانقني شوقٌ إلى الهرب
نسيت من يده أن أسترد يدي طال السلام و طالت رفة الهدب
حيرى أنا يا أنا أنهدُّ متعبةً خلف الستائر في أعياء مرتقب
أهوى الهوى يا هلا إن كان زائرنا يا عطر خيم على الشباك و انسكب
المجموعة
كبرت هند فانجلي يا سما بالحنان كبرت هند فاخجلي يا ربى البيلسان
قالت لها الرابية في الليلة الماضية:
هند هند امرعي ها هنا مطلعي

(هند: فيروز والمجموعة)
فوق هذي الذرى
قمرا …..نيرا يفرش الأرض مرمرا
كبرت هند كللي يا غيوم السفوح وانسجي لون مِخملِ فوق حمر السطوح
مرت على الساقية فأومأت من هي وأجاب الصدى وجه لي سننا
فيروز – هند : عابر عندنا من هنا ..
المجموعة : من هنا زهّر الحقل واغتنى

(كارم محمود)
تحكون عن هند الجميلة عن لفتة الهدب العليلة
عن زهوة في الدرب تدنو حبيبة مثل الطفولة …
هند ترى من يا حنيني الى الضفيرات الجديلة
تالله في أي ربوع دروبها السمر الضليلة

(فيروز والمجموعة)
بالقوام اللين حلوة من موطـني تنثني تنثني في طريقها الهني
وخصور السوسن ….بالعبير الموهن تنحني تنحني للصبا الملون
وجهها النحيل ..يملأ القلوب هدبها الجميل بالهنا يذوب
امرحي في موطـني إلعبي واستوطني
واسكني واسكني في الهوى المحصن

فيما بعد اقتُطفَ من هذه اللوحة الغنائية ( الاسكتش) مسامعُ استبعدت صوت الشاب المشارك ، وأبقت على المقاطع الأخرى ، ونشر الناتج تحت اسم : اسكتش عمرو وهند..

ملاحظة أولى : كان عمر الشاعر المذكور حاسماً في استبعاد علاقته بالقصيدة.

ملاحظة ثانية : بالعودة إلى الوجه الخلفي لأسطوانة الموشحات ، نجد أنه كتب عليه  بأن أغنية  يالور حبك هي للأخوين رحباني ، وكذلك موشح ” اذكريني ” ، وهذا غير صحيح تماماً .. و لهذا حديث آخر ، ولكن هذا الواقع يشير إلى صعوبة توثيق أعمال السيدة فيروز بدقة ، وهو ما يجعل دراستي عن حياة وفن السيدة فيروز والأخوين رحباني تستغرق مني وقتاً طويلاً ..

د. سعد الله آغا القلعة