عبد الحليم يواجه المرض في أنشودة الحياة!

شعار كتاب الأغاني الثاني

أنشر اليوم ، في ذكرى رحيل عبد الحليم ، أغنية أنشودة الحياة التي حملت إلينا جدلاً بين عبد الحليم حافظ والكورال ، يجسد حالة عبد الحليم النفسية ، المتأرجحة بين الأمل والضياع ، قبيل سفره للعلاج لأول مرة! .
الأغنية من كلمات مرسي جميل عزيز ، وألحان عبد الحميد توفيق زكي ، وقد أداها عبد الحليم عام 1956 ، و كان قد أصبح نجماً سينمائياً مشهوراً ، قبيل سفره للعلاج ، وكأنما صوَّرت هذه الأغنية الجدل الذي يدور في أعماقه ، وقد فاجأه المرض ، بين الأمل الناهض ، بعد أن كان قد بدأ يحقق النجاح ، وبين المرض المفاجئ ، الذي بدأ يهدد أحلامه ..
يقوم الحوار في هذه الأغنية ، وهي آخر أغنية غنّاها من ألحان مكتشفه عبد الحميد توفيق زكي ، على جدل بين فكرتين : التفاؤل والتشاؤم ، يذكرني بالجدل بين أسمهان وفريد الأطرش ، حول التفاؤل والتشاؤم ، في حوارية الشمس غابت أنوارها ، من كلمات أحمد رامي وألحان فريد الأطرش عام 1941.
يجسد عبد الحليم هنا دور المتفائل ، و يحاول أن يقنع الكورال ، المجسد للتشاؤم ، والمجسد بالتالي لهواجس عبد الحليم الداخلية ، بجمال الحياة وبفرصها العديدة ، فيما يعبر الكورال عن نظرة تشاؤمية ، كما يبين النص المنشور أدناه.
جاء الأداء المتفائل مترافقاً مع الإيقاع ، فيما تميز الأداء المتشائم بالغناء المرسل دون إيقاع. بالمقابل ، تلوَّنت المقامات الموسيقية بين : أولاً : مقام العجم المجسد للقوة ، و مقام الكرد العاطفي ، وهما في الإجمال يعبران عن التفاؤل والإيمان بالنجاح وتجاوز الصعاب ، من جهة ، ومحبة الحياة و مباهجها ، من جهة أخرى ، بسبب الدرجات الصوتية الموسيقية الأساسية في السلم الموسيقي المشكلة لهما ، مع اختلاف في درجة استقرار كلٍّ منهما ، و ثانياً : مقام النوأثر ، الذي يبدأ به الكورال ، و الذي يوظف درجات موسيقية ثانوية ، ويعبر ، في انحرافات الدرجات الصوتية فيه ، عن درجات مقامي العجم والكرد الأساسية ، عن انحرافات الحياة ومفاجآتها ، وبالتالي عن التشاؤم والضياع ، بعد أن حلَّ المرض في حياة عبد الحليم .
ومع سير اللحن ، تبدأ مظاهر التقارب بين النظرتين المتشائمة والمتفائلة بالظهور ، إذ يستمر عبد الحليم أحياناً في الغناء على مقام النوأثر ، في نقاشه مع الكورال ، ولكن بإيقاعية تعطي المقام نفحة التفاؤل ، كما يغني الكورال على مقامي العجم والكرد ، ولكن في غناء مرسل أو بطيئ!
طبعاً في النهاية يقتنع الجميع بفرص الحياة وجمالها ، ما يطمئن عبد الحليم بأنه سينجح في السيطرة على مرضه!
لإيضاح الأفكار .. قمتُ بوضع صورة للأغنية ، التي تتوفر فقط على شكل تسجيل صوتي ، وراعيت أن تسيطر الألوان الزاهية عند غناء عبد الحليم ، فيما تتحول إلى الأسود والأبيض ، عندما يغني الكورال ، في ترجمة بصرية لمضمون الأغنية ، نصاً ولحناً وغناءً..!

النص مع تحديد الأدوار
حليم : الدنيا كلها ونورها وظلها ليا انا
كورال : ونارها وذُلَّها
حليم : للي بكى واللي اشتكى
والشمس والقمر والمية والشجر ليا انا
كورال : والوحدة والسهر
حليم : للي بكى واللي اشتكى
كورال : أيام قليلة
حليم : لكن جميلة
والورد عمره أيام قليلة
كورال: الورد آه من شوك الورد
حليم : الشوك جميل لو كان فيه ورد
كورال: الورد آه من شوك الورد
حليم : الشوك جميل لو كان فيه ورد
كورال: الورد شوك
حليم : الشوك فيه ورد
حليم : و الدنيا كلها ونورها وظلها ليا انا
والشمس والقمر والمية والشجر ليا انا
كورال: والوحشة والانين والبلبل الحزين
حليم : البلبلة الجميلة في ظلة الخميلة بتشاغل الهوى
نور القمر شاغلها وقابلته وقابلها واتمرجحوا سوى
كورال: والوحشة والانين والبلبل الحزين
حليم : للي بكى واللي اشتكى
والدنيا كلها ونورها وظلها ليا انا
كورال : ليا أنا
الجميع والشمس والقمر والمية والشجر ليا انا



د. سعد الله آغا القلعة

Bookmark the permalink.

Comments are closed.