اللقاء الكامل مع الدكتورة رتيبة الحفني 1992

شعار كتاب الأغاني الثاني

أثناء تحضيرها لإطلاق الدورة الأولى لمؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية في دار أوبرا القاهرة  ، الذي كان سيقام في شهر تشرين الأول / أكتوبر من عام 1992 ، قامت الدكتورة رتيبة الحفني مقرر عام المؤتمر بزيارة  إلى سورية، لبحث المشاركة السورية. زارت الدكتورة رتيبة مبنى الإذاعة والتلفزيون في دمشق ، حيث التقينا لأول مرة. كنتُ ، وأنا الذي أقدم البرنامج الخاص بالموسيقى العربية في التلفزيون السوري ، أعرفها من خلال زياراتي المتكررة للقاهرة ، ومشاهدتها تقدم البرنامج الخاص بالموسيقى العربية على الشاشة المصرية ، ومن خلال ما ذكره لي والدي عن والدها ، ومما قرأته من مؤلفاته في مكتبة الوالد.

ولذا كان لقاؤنا وكأننا أصدقاء منذ زمن بعيد ، إذ كانت تعرف مسيرة والدي الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة ، مؤسس إذاعة حلب ومعهدها الموسيقي ، الذي أسسه كمعهد خاص ومجاني للموهوبين ، من والدها ، الدكتور محمود أحمد الحفني ، مقرر عام المؤتمر الأول للموسيقى العربية عام 1932 ، ومفتش الموسيقى في وزارة المعارف المصرية ، وصاحب المؤلفات العديدة في تاريخ الموسيقى العربية وأعلامها.
وهكذا كان حديث عن ذكريات مشتركة ، ولو بشكل غير مباشر ، فكان أن دعوتها لإجراء لقاء لصالح الشاشة السورية فرحبت ، وكان هذا اللقاء الذي أبدأ بنشر مشاهده اليوم ، والذي كان فاتحة لصداقة امتدت لأكثر من عشرين عاماً ، إلى جانب زمالة حقيقية ،  فكثيراً ما كنا نتشاور في العديد من المسائل التي تتعلق بالموسيقى العربية ، في سياق مشاركتي الدائمة في أعمال مؤتمر الموسيقى العربية ، و مهرجانها ، على مدى سنوات طويلة.

والدكتورة الحفني شخصية بارزة في عالم الموسيقى العربية ، شغلت مواقع عديدة ، منها عمادة المعهد العالي للموسيقى العربية ، ورئاسة دار الأوبرا المصرية ، وكانت لاتزال عميدة المجمع العربي للموسيقى ، التابع لجامعة الدول العربية ، عند وفاتها ، رحمها الله ، يوم السادس عشر من أيلول / سبتمبر 2013 عن عمر يناهز 82 عاماً.

سأنشر مجريات لقائي معها ،  مبوَّباً حسب المواضيع المطروحة ، وفق الشكل الموسوعي للتسجيلات السمعية البصرية ،  مبتدئاً بالمشهد الأول ، الذي عرض تقديماً لها ، و لوالدها الدكتور محمود أحمد الحفني ، الشخصية المرموقة أيضاً في عالم الموسيقى العربية ، ليقودنا الحديث إلى محمد القصبجي ، أستاذها في العزف على آلة العود ، و المنابع التي استلهم منها لحنه الرائع لأسمهان : يا طيور ، ثم إلى ولادة ذلك اللحن في بيت الدكتورة الحفني ، وبحضورها!

تضمن المشهد المحاور التالية:

ماهي العلاقة بين الغناءين العربي والأوبرالي وهل للأخير جذورعربية؟ وهل نجحت تجربة التأليف الموسيقي في مصر؟

في هذا المشهد توقفتُ عند أداء أسمهان للأسلوب الأوبرالي في أغنية يا طيور ، وطرحت السؤال حول العلاقة بين الغناءين العربي والأوبرالي ، حيث تمت المقارنة بينهما ، ومحاولة تحديد العناصر في الغناء الأوبرالي ، الذي قد تعود أصوله إلى زرياب والأندلس ، و التي يمكن أن تفيد الغناء العربي ، وصولاً إلى تقييم تجربة التأليف الموسيقي في مصر ومدى نجاحها !

سؤال ثانٍ للدكتورة الحفني: هل الرؤية الجديدة في التعامل مع التراث ممكنة ؟ ضرورية؟ أم مرفوضة؟!

ينتقل الحوار بعد ذلك ، إلى تقييم الأساليب المحتملة والمتعددة لعرض التراث الموسيقي العربي ، ابتداءاً من التمسك بعرضه ، بصورته القديمة ، إلى القبول بإدخال عناصر معاصرة لتطوير تلك الصورة القديمة ، مروراً بعرضه من خلال رؤية جديدة ، وصولاً إلى إدخال عناصر موسيقية غربية عليه.

تجربة عبد الحليم نويرة!
يصل الحوار ، في هذا المشهد ، أخيراً ، إلى تقييم تجربة فرقة الموسيقى العربية ، بقيادة عبد الحليم نويرة ، في عرض التراث الموسيقي والغنائي العربي ، بأسلوب جماعي ، في إطار رؤية جديدة ، والظروف التي رافقت نشأتها ، ليتم بعد ذلك مقارنة تلك التجربة ، مع تجربتي فرقة أم كلثوم ، بقيادة حسين جنيد ، و الفرقة القومية العربية للموسيقى ، بقيادة سليم سحّاب ، و التوقف عند دور فرقة أم كلثوم ، بقيادة حسين جنيد ، في تشجيع عبد الحليم نويرة ، على اعتماد الفناء الفردي، في رؤيته الجديدة ، بعد تردد!

يتضمن المشهد الثالث محاور الحوار التالية:

واقع الجمهور اليوم ودوره في توجيه مسارات الإبداع!

يناقش المشهد الثالث والأخير من اللقاء ، أولاً ، واقع الجمهور اليوم ، والأسباب التي أدت إلى تغيير ذائقته ، ودور ذلك التغيير ، وكذلك التغيرات التي طرأت على واقع الإبداع الموسيقي ، في توجيه الغناء العربي نحو مسارات غير محمودة ، ليصل الحوار إلى التركيز على أهمية وسائل الإعلام ، ودورها المطلوب ، في تخصيص مساحة كافية ، لعرض التراث الموسيقي ، والتجارب الجديدة الجادة ، أمام الجمهور.
تم التوقف تالياً عند الأستاذ محمد القصبجي ، واحتمال أن تكون توجهاته الحداثية في التلحين ، التي برزت أساساً مع أسمهان ، قد أثرت على استمراريته في عالم الإبداع ، كونها ، إلى جانب غضب أم كلثوم ، لأنه قدم لأسمهان أعمالاً غير مسبوقة ، لم تعد تتلاءم ، كما بررت أم كلثوم ، مع التغيرات التي طرأت على ذائقة الجمهور ، فأصبحت أعلى من السوية التي بدأ يعتاد عليها جمهور أم كلثوم ، وذلك في سياق محاولة اكتشاف دور الجمهور ، أيضاً ، في توجيه مسارات الإبداع.

التعاون بين سورية ومصر في المجال الموسيقي!
تم أخيراً استعراض مجالات التعاون المحتملة ، في حينه ، بين سورية ومصر ، في المجال الموسيقي ، انطلاقاً من أن التعاون بين الشام ومصر ، كان أحد العناصر الأساسية ، التي أدت إلى ولادة النهضة الموسيقية في مصر ، في بداية القرن العشرين ، ثم في استمرارها ، ليختتم اللقاء ، أولاً : بالتوقف عند الأستاذ صباح فخري ، وأسلوبه الفريد في نشر التراث الموسيقي العربي ، و تأكيد الدكتورة رتيبة الحفني ، أنها تتمنى أن يشارك الأستاذ صباح فخري في فعاليات مهرجان الموسيقى العربية في دار الأوبرا بالقاهرة ، وهو ما تم لاحقاً ، وثانياً : عرضِ تسجيلٍ للأستاذ صباح فخري لقصيدة يا حادي العيس كان سُجل عام 1989 في مدينة الفيحاء الرياضية بدمشق.

اللقاء من إخراج المخرج حكمت الصبان.

 

Bookmark the permalink.

Comments are closed.

  • هل تريد أن نعلمك عن جديد الموقع؟

    Loading