الأسطرلاب والموسيقى!

شعار كتاب الأغاني الثانيفي نشرة سابقة عنوانها : إلى أي مدى يحق لشعبٍ ما ورث تراثاً حضارياً أن ينتسب إليه إن لم يكن عارفاً بتفاصيله .. مبدعاً في تطويره ؟ اعتمدت صورة أساسية للنشرة هي صورة الأسطرلاب . بعد النشر وردني من السيد Moataz Gafar السؤال التالي:

ما علاقة الأسطرلاب بالموسيقى !!

وإليكم الإجابة:

الأسطرلاب أداة فلكية قديمة ، طوَّرها العرب ، لحاجتهم الماسة إليها ، لأنها تسمح بتحديد مواقع النجوم في القبة السماوية ، انطلاقاً من رصدها من موقع على الأرض ، ما يوفر للإنسان إمكانية تحديد إحداثيات ذلك  الموقع على الأرض ، حيث تم الرصد ، والاتجاه الذي يجدر به أن يعتمده ، للوصول إلى موقع آخر على الأرض.
يقوم مبدأ الأسطرلاب على اعتبار النجوم ، بحسبان أنها كلها بعيدة بعداً لا متناهياً في الكبر، نسبة لأبعاد الأرض ، رغم تفاوت المسافة بين كلٍ منها وبين الأرض ، أنها واقعة على سطح كرة ، نصف قطرها اللانهاية ، ومركزها الأرض . اعتماداً على هذا المبدأ ، وبمراقبة النجوم ، وقياس سمت كل منها ، يمكن تحديد الموقع على الأرض حيث يتم الرصد.
سمح هذا للبحارة أن يعرفوا طريقهم في البحر ، و للقوافل أن تعرف طريقها في الصحارى والوديان .. الأسطرلاب أفاد أيضاً في استنتاج الوقت  ، و تقدير طول النهار والليل ، وتغيرات ذلك ، وبالتالي تحديد مواقيت بزوغ الشمس ، و غروبها ، وساعات الصلاة ، و الاتجاهات نحو الكعبة الشريفة في مكة المكرمة لأداء الصلاة  ..

وماذا عن الموسيقى؟
فيما يخص الموسيقى ،  فقد ربط الفلاسفة العرب ، وعلى رأسهم الكندي ، بين تغيرات الوقت ، وساعات النهار ، و تغيرات درجات الحرارة ، والفصول ، والموقع الجغرافي ، وبين تأثير الموسيقى على الإنسان ، فلكل ساعة من النهار ما يلائمها من ألحان ،  و من إيقاعات و مقامات و طبقات موسيقية ، و لكل يوم من أيام السنة ما يلائمه ، ولكل فصل ما يلائمه ، ولكل طقس ما يلائمه . وهذا يتم حسابه استناداً إلى الموقع والوقت وحركة الأرض ، و إلى تغيرات قوى الجذب على جسم الإنسان مع تلك الحركة  ، التي تقاس تغيراتها من خلال قياس مواقع النجوم نسبة للأرض .. بالأسطرلاب!!

د. سعد الله آغا القلعة

Bookmark the permalink.

Comments are closed.