في ذكرى ولادة ورحيل عازف الكمان أنور منسي: عندما قادته الكبرياء والبراعة ليصبح ظاهرة سينمائية!

شعار كتاب الأغاني الثاني

أتوقف اليوم عند ذكرى ولادة و ذكرى رحيل عازف الكمان البارع أنور منسي ، إذ ولد و رحل في اليوم ذاته : التاسع من كانون الثاني!

وكعادتي في مثل هذه النشرات التي أقصد منها الاحتفاء بذكرى خاصة بأحد الكبار في الموسيقى العربية ، من حيث التركيز على أحد أبعاد مسيرته الفنية ، فإنني سأركز اليوم على الظاهرة السينمائية التي شكلها أنور منسي ، عندما أصبح يظهر إلى جانب نجوم الغناء على الشاشة ، ويؤدي المقاطع المنفردة التي تبين قدراته في العزف..

أنور منسي في كلمات

ولد أنور في 9 كانون الثاني / يناير 1922 . جاءت ولادته في دمشق ،  إذ كان والده عبد الوهاب منسي العازف على العود يسافر مع فرقته الموسيقية إلى البلاد العربية لإقامة الحفلات ، فيما جاءت ولادة شقيق أنور عازف القانون المشهور عبد الفتاح منسي في بغداد قبل سنتين من ولادة أنور.

برز تميز أنور في العزف على الكمان مبكراً ، في أسلوب مختلف عما كان يؤديه أمير الكمان سامي الشوا ، من حيث جمعه ، وبمهارة مثيرة للإعجاب ، لأسلوبي الأداء الشرقي والأداء الغربي.

عُرف أنور باعتداده بنفسه. تجلى هذا عندما عمل مع أم كلثوم في بداياته. استرسل مرة في العزف ، فيما كانت أم كلثوم تغني ، ولما نهرته ، غادر غاضباً ولم يعد..

تلقفه عبد الوهاب ، وأبرز أداءه المميز في المقدمة الموسيقية لأنشودة الفن ، التي لحنها محمد عبد الوهاب وأداها للإذاعة في عام 1945.

 


الظاهرة السينمائية

في منتصف الأربعينات ، كان فريد الأطرش ناشطاً على صعيد الأفلام الغنائية ، وسرعان ما رأى توظيف إمكانات أنور في أفلامه ، مفتتحاً لأنور منسي ما أسميه الظاهرة السينمائية الجديدة. كان ذلك في أغنية آه من آه في فيلم مقدرش عام 1946 ، عندما ركزت عليه الكاميرا أثناء أدائه لعزف منفرد في مقدمة أغنية آه من آه، كما سنتابع في الفيديو في نهاية النشرة.

ولم يتأخر عبد الوهاب عن تطبيق ذلك في فيلم غزل البنات عام  1949 ، إذ ظهر أنور عازفا في أغنية «ماليش أمل» إلى جانب ليلى مراد ،  وعلى عادة عبد الوهاب تحدث عن هذه الأغنية ،

وعن  أهمية أنور منسي كعازف بارع ومعاصر ، وعن أسباب تضمينه اللحن ظهور أنور في الصورة ، وكأنه كان الظهور السينمائي الأول…


وتتالت حالات ظهور أنور منسي في الأفلام ،  ومنها مثلاً ظهوره في فيلم ابن للإيجار عام ‏ 1953 ، إلى جانب محمد فوزي في أغنية «عشاق النور» ، وكذلك في فيلم الحياة الحب عام 1954 إلى جانب ليلى مراد مرة أخرى في أغنية «أطلب عينيه»، بل واستمر ظاهراً في الصورة عندما كانت ليلى مراد تغني!

الفيديو التالي يجمع بعض حالات ظهور أنور منسي في السينما ، ما يؤكد الظاهرة التي تحدثت عنها ، ويبرز أن مشاركاته السينمائية كانت تركز على إمكاناته في أداء الأسلوب الغربي ، في فترة شاع فيها التركيز على الأغاني الراقصة ، أو المقدمات الموسيقية التي تعتمد أساليب العزف الكلاسيكي الغربي ، كما نلاحظ مدى سيطرته على عزفه ، وخاصة فيما يسمى البوزيسيونات ، أي انتقال اليد على طول زند الكمان ، وهذا من أصعب ما هو مطلوب من عازف الكمان ، إذ تتقارب مواقع الأصابع اللازمة لإطلاق الأصوات الموسيقية المطلوبة ،  ما يجعل أداءها دون أي نشاز يتطلب مهارة استثنائية!


توفى أنور منسي شاباً ، إذ سقط عن ظهر حصانه في اليوم التاسع من كانون الثاني / يناير عام 1961 ، وهو اليوم ذاته الذي ولد فيه قبل 39 عاماً.

د. سعد الله آغا القلعة

 

Bookmark the permalink.

4 Responses to في ذكرى ولادة ورحيل عازف الكمان أنور منسي: عندما قادته الكبرياء والبراعة ليصبح ظاهرة سينمائية!

  1. Yasser58 says:

    شهاده هامه من الاستاذ عبد الوهاب. ومعزوفات رائعه من أنور منسي

  2. George Nouri Nader says:

    تحياتي دكتور سعد
    كل الشكر على ما تقدمون من معلومات قيمة
    يرجى تصحيح اللقب من وجدي إلى منسي في فقرة عبد الوهاب وشكرا

  3. aghawebmaster says:

    تم التصحيح .. أشكركم على الاهتمام والمتابعة!

  4. Rajal Muhammed says:

    كل الشكر لك دكتور…مقال جميل حقا.