في سياق دراستي المتكاملة عن حياة وفن السيدة فيروز والأخوين رحباني ، التي سأنشرها في موسوعة كتاب الأغاني الثاني ، توقفت عند القصيدة التي صرحت السيدة فيروز بأنها الأحب إلى قلبها : أحبك في صمتي الوارف ، و التي سجلتها حوالي العام 1954 لصالح إذاعة الشرق الأدنى ، على الأغلب ، وذلك في سعي لاستكشاف الأسباب التي جعلت تلك القصيدة الأقرب إلى قلب فيروز! وإليكم بعض الوقائع:
في عام 1955 ، وبعيد زواجها من عاصي رحباني مباشرة ، سافرت فيروز وعاصي ومنصور إلى القاهرة ، بدعوة من إذاعة صوت العرب. استمرت الرحلة ستة أشهر ، سجلت خلالها السيدة فيروز أغانٍ كثيرة. بعيد وصولها إلى القاهرة ، سجلت فيروز مقابلة مع إذاعة صوت العرب . في سياق المقابلة ، أجابت عن سؤال حول أحب الأغاني إلى قلبها ، فقالت بأنها قصيدة أحبكِ في صمتي الوارف.. كما أدت مسمعاً منها مباشرة في أداءٍ رائع!
والسؤال الذي يُطرح لماذا كانت هذه القصيدة الأحب إلى قلبها ؟
هناك مؤشرات كثيرة على أن القصيدة من شعر منصور رحباني ، فبعد رحيل عاصي ، نشر منصور في عام 2007 ديواناً عنوانه ” قصائد مغناة ” ، ضم هذه القصيدة ما يشي بأنها لمنصور ، كما أن السياق اللحني وأسلوب توظيف الآلات الموسيقية يؤكد عائدية اللحن لمنصور أيضاً ، وهو أيضاً مجال تأكد حالياً.
ضمت القصيدة ثلاث رباعيات ، و قد جاء اللحن على مقام النهاوند العاطفي ، وبني على قالب المونولوج الرومنسي ، في تلاؤم واضح مع المعاني .. طبعاً اللحن فيه الكثير مما يقال ، وهو قيد البحث أيضاً ، ولكن اللافت في الأغنية هو أسلوب أداء السيدة فيروز ، المعبر تماماً عن العواطف التي وصَّفتها القصيدة ، والتي لعل تلك الصبية ، ذات العشرين عاماً ، عاشتها فعلاً!
والسؤال قيد البحث ، إضافة إلى ما يتصل بتحليل اللحن : لماذا كانت هذه القصيدة الأحب إلى قلب فيروز؟
المسمع من المقابلة
الأغنية مع كلماتها
أُحبكَ فى صمتىَّ الوارفِ * وفى رفةِ الهدبِ الخائفِ
وبى يا ملوِّن عمرى إليك * حَنينُ الكرومِ إلى القاطفِ
حنينُ الشحارير عند الغروب * إلى رحلة الموسم الهاتفِ
ذُرى بالندى والبريقِ تُطل * كنهرٍ من الوهج الصائفِ
**
أحبكَ هل بعد حبي سؤال * وبعد جمالي غوىَّ أو جمال
أحبكَ حتى يضل الغمام * وينسى الربيع دروب التلال
أحبك حتى يملَّ الصدى * طواف الربى وعناق الجبال
أقول أحبك موج حقول * وجمع شذى يا مطل الظلال
**
وقلتَ إلى بيتكِ الساحر * أجيئ مع القمر الساهرِ
فزينتُ بيتى وطال انتظاري * وغنيتُ حتى بكى خاطري
وحين سكبت النشيد الأخير * وفرفطتُ عطر الشذى العاطرِ
أتيتَ فيا حيرتي ما أقول * وكيف ألاقيك يازائري؟
التصويت لاختيار قصيدة أحبك في صمتي الوارف لتكون ضمن الأغاني الأهم في حياة وفن السيدة فيروز
تعليق على النتائج:
استوقفني انقسام الأصوات حول أهمية قصيدة أحبك في صمتي الوارف ، في التصويت حول أهميتها في حياة وفن السيدة فيروز . جرى التصويت على الغالب وفق رأي المصوِّت في جمال الأغنية وأهميتها في المسار الفني للمدرسة الرحبانية ، ولم تؤخذ أهمية الأغنية في حياة السيدة فيروز بعين الاعتبار، باعتبارها اختارتها لتكون الأقرب إلى قلبها..