الشيخ صبري مدلل في قصيدة البُرعي ” بعدتم ولم يبعد عن القلب حبكم ” بمرافقة الأستاذ محمد قدري دلال على العود في تسجيلٍ نادر : صوتٌ شجيٌ وأصيل اشتهر عندما جاوز الستين من العمر!

شعار كتاب الأغاني الثاني

 
أنشر اليوم  هذا التسجيل لقصيدة : بعدتم ولم يبعد عن القلب حبكم ، بصوت الشيخ صبري مدلل ، ومرافقة الأستاذ محمد قدري دلال. التسجيل مقتطف ، من إحدى حلقات برنامجي التلفزيوني ” العرب والموسيقى ” ، الذي كنت أقدمه على شاشة التلفزيون العربي السوري ، ابتداءاً من عام 1985.
كنتُ قد عرفتُ الشيخ صبري منذ مدة طويلة ، إذ كان يؤذن في جامع العبارة الشهير ، في وسط مدينة حلب ، وكثيراً ما كنت أتوقف ، إن بدأ الأذان ، لأستمع للشيخ صبري ، وهو يؤذن للصلاة ، بصوته الشجي ، مع اعتماد مقامات موسيقية مختلفة ، في كل مرة ، في إبداعٍ قل نظيره.
صبري مدلل
ولد صبري مدلل عام 1918 . درس على يد المعلم الكبير الشيخ عمر البطش ، ودخل معه إذاعة حلب ، عندما أسسها الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة ، في نهاية أربعينات القرن الماضي ، فغنى موشحات البطش ، وألحان الملحن الكبير بكري الكردي ، ومنها الأغنية الشهيرة : ابتعلي جواب ، من كلمات الشاعر حسام الدين الخطيب ، والتي اشتهرت لاحقاً بصوت الأستاذ صباح فخري.
أنشأ في حلب فرقة خاصة بالإنشاد الديني ، وركز جهده على المدائح النبوية والقصائد الصوفية .
بداية الشهرة
تركزت شهرته في مدينته حلب ، فيما انطلقت خارج حلب متأخرة ، وكان ذلك عن طريق الباحثين الموسيقيين الفرنسيين والبلجيكيين ، إذ سجل له كريستيان بوخيه في حلب أسطوانة ، نشرها تحت عنوان : مؤذنو حلب ، اشتهرت في فرنسا ، وحققت نجاحاً كبيراً ، ما أدى إلى تنظيم رحلة للفرقة ، لتقديم حفلة في قصر الثقافة في باريس ، عام 1975 ، لتهدأ الأمور لعشر سنوات ، إلى أن دعي الشيخ صبري مجدداً ، للمشاركة في مهرجانٍ للموسيقى العربية في باريس عام 1986 ، فأطلقت تلك المشاركة شهرته في فرنسا ، وأصبح يدعى إلى مختلف المهرجانات فيها ، و في أوربا لاحقاً ، وكان قد جاوز الستين من العمر!
في دمشق!
بالمقابل ، تركزت شهرة الشيخ صبري في سورية في مدينته حلب ، وعندما بدأتُ برنامجي التلفزيوني ” العرب والموسيقى ” عام 1985 ، رأيت ضرورة أن يتعرف الجمهور السوري عليه ، وعلى مسيرته ، فدعوته والأستاذ محمد قدري دلال ، ليسجلا لصالح البرنامج ، ساعةً كاملة ، و صرتُ أعرض منها مشاهد ضمن الحلقات ، مع التعريف بالشيخ صبري مدلل وفنه ، وهكذا سارت شهرته في سورية ، من خلال التلفزيون ، وكثيراً ماكان يستوقفني زملاء لي ، أو من ألتقيهم في مجالات متعددة ، ليسألوني عن هذا المطرب ، الذي لا يزال يعتمر الطربوش!
شهدت التسعينات انطلاقة واسعة لشهرته ، فشارك في العديد من المهرجانات المحلية في سورية ، و العربية في لبنان وتونس ومصر ، والدولية في باريس وغيرها من العواصم الأوربية ، كما أنجز المخرج السوري محمد ملص ، فيلماً وثائقياً يحكي تاريخ هذا الفنان السوري الكبير.
توفي الشيخ صبري مدلل عام 2006 عن عمر ناهز التسعين عاماً.

القصيدة
اخترت لكم اليوم من تسجيلات البرنامج هذه القصيدة :
بعدتم ولم يبعد عن القلب حبكم * وغِبتم وأنتم في الفؤاد حضورُ
أغار عليكم أن يراكم حواسدي * وأحجبُ عنكم والمحبَّ غيورُ
أعيروا عيوني نظرةً من جمالكم * فما كلُّ من يُغنِ الوصالَ يُعيرُ

وهي أبياتٌ مقتطفة من قصيدة طويلة ، للشاعر اليماني العارف بالله عبد الرحيم البرعي ، و كانت أتت في 59 بيتاً ، في مديح الرسول عليه الصلاة والسلام ، تبدأ بقوله:
فؤادي بربع الظاعنين أسيرُ * يُقيم على آثارهم ويسيرُ
ارتجل الشيخ صبري القصيدة على مقام النهاوند ، و انتقل إلى مقام البيات عند : وأُحجب عنكم ، ليعود للنهاوند عند : والمحب غيور ، ، ليستمر على مقام النهاوند في البيت الثالث ، وينتقل إلى مقام الراست في تكرار :أعيروا عيوني ، للمرة الثالثة ، قبل أن يعود أخيراً لمقام النهاوند لاختتام القصيدة.

د. سعد الله آغا القلعة

Bookmark the permalink.

Comments are closed.

  • هل تريد أن نعلمك عن جديد الموقع؟

    Loading