دويتو محلاها الدنيا لعبد الحليم وفايدة كامل : عندما أراد عبد الحليم إثبات مؤهلاته في أداء أصعب أساليب الغناء الوافدة وأندرها في الغناء العربي!

شعار كتاب الأغاني الثاني

عبد الحليم حافظ وفايدة كامل

يتجاوز عدد الأغاني غير المشهورة التي قدمها الأستاذ عبد الحليم حافظ في مشواره الفني ال 40 أغنية ، ولذا لم يكن من الممكن أن أنشرها كلها في سياق احتفائنا بذكرى رحيله . لذا فقد رأيت أن أختار منها ما يمثل مختلف القوالب الغنائية التي حملت صوته إلى جمهور محبيه . ولما كنت قد نشرت أولاً أغنية ياللي إنتِ نجوى ف خيالي ، وهي أغنية أتت على إيقاع راقص ، ثم الأصيل الذهبي وهي عمل غنائي بين عبد الحليم وأوركسترا القاهرة السمفوني ، ثم أغنية ظالم وهي على قالب المونولوج الرومنسي ، أنشر اليوم دويتو محلاها الدنيا لعبد الحليم و فايدة كامل . تأتي أهمية هذه الأغنية من أنها حملت أولى تجارب أداء متزامن ثنائي اللحن على أسلوب الهوموفوني ( الهوموفوني قالب يعتمد على التآلفات الصوتية المتزامنة على طول مسار اللحن ، فيما يعتمد البوليفوني على ألحان متزامنة ولكنها مستقلة نسبياً ) ، قدمه عبد الحليم وفايدة ، كما أنها شهدت توظيف الآلات النحاسية ، في مرافقة أغنية لا تعد بين الأناشيد والأغاني الوطنية ، مع أنها بنيت على إيقاع الباسودوبليه الإسباني.

كان كارم محمود قد غنى هذه الأغنية مع حياة محمد ، ومع كريمة محمود ، ثم أعاد تسجيلها مع فايدة كامل ، ليأتي عبد الحليم ويغنيها في بدايات ظهوره في الإذاعة في مارس / آذار عام 1951 ، وقيل أيضاً بأن وداد حمدي غنتها أولاً وهو ما لم أتمكن من التأكد منه.
وهنا قد يُطرح سؤال : لماذا غناها عبد الحليم بعد كارم ؟
كان تعدد التصويت ( البوليفوني ) قد بدأ بالظهور في أوبريتات سيد درويش ، في بداية العشرينات من القرن الماضي ، ومنها أوبريت البروكة ، ثم أوبريت شهرزاد ، في لحن دقت طبول الحرب ، كما ظهر في بعض أعمال محمد عبد الوهاب ، بينه وبين الفرقة الموسيقية ، أو الكورس ، ولم يتكرر هذا كثيراً لصعوبة أدائه ، من قبل الأصوات التي لم تتدرب على أساليب الغناء الأوبرالي ، أما عند عبد الحميد توفيق زكي ، الحامل لتيار إدماج عناصر الموسيقى الكلاسيكية في الغناء العربي ، كما كنا لاحظنا في لحنه لعبد الحليم : الأصيل الذهبي ، فقد كان عمَّق هذا الاتجاه باتجاه الهوموفوني ، ( تآلف التصويت ) وأنا أرى أن عبد الحليم سعى لأداء هذه الأغنية ، لإثبات مقدرته في أداء هذا الأسلوب الصعب والنادر في الغناء العربي ، في إطار قناعته بأن دراسته الموسيقية ، في المعهد العالي للفنون المسرحية ، في العزف على آلة الأوبوا ، تؤهله لهذا. قد تبدو هذه الأغنية خفيفة .. ولكنها حملت في نسيجها صعوبات كثيرة!

د. سعد الله آغا القلعة

Bookmark the permalink.

Comments are closed.