عبد الحليم حافظ : مسيرة فنية نجحت في مقاومة المرض والإحباط بإشاعة الأمل قبل أن تخمدها نكبات الوطن و اختلاطات الخلايا

شعار كتاب الأغاني الثاني

عبد الحليم حافظ

في الحادي والعشرين من حزيران عام  1929.. ولد عبد الحليم حافظ  .. وغادر هذه الدنيا في الثلاثين من آذار عام 1977 ، بعد أن قدم الأغنيات التي لا تزال تقاوم الزمن الرديء الذي لم يستطع هو أن يقاومه .. لا أعتقد أن أحداً من نقاد الخمسينات ، توقع لعبد الحليم ، الناشئ في تلك الفترة ، هذا النجاح .. صحيح أن   بعضهم تحدث عن حنان  صوته وليونته وعن أدائه وحسه المرهف.. ولكن أغلبهم تحدث عن مساحة صوته المحدودة ، وعن عدم قدرته على تنفيذ القفلات الشرقية التي تميز بها الغناء العربي الأصيل، إضافة إلى ضعفه في الارتجال ، وعدم تمكنه من إبراز شخصية المقامات الشرقية المرتبطة بأرباع الصوت..
استطاع عبد الحليم حافظ رغم كل هذا أن يحقق نجاحاً كاسحاً ، جعله ينافس فريد الأطرش ، نجم الأفلام السينمائية منذ الأربعينات ، في جماهيريته ، و يقارب في مكانته في مصر ، قيادة وشعباً ، مكانة أم كلثوم نفسها!
ما هي أسباب نجاحه..؟ هل كان ذلك يعود إلى إمكانياته الفنية ؟ وقد رأينا أنها لم تكن ضمن المعايير السائدة ، أم إلى ذكائه ? أم إلى الظروف التي أحاطت بحياته؟

عبد الحليم .. وتغيير معايير الغناء السائدة

سأقوم أولاً وأنا أحاول الإجابة على هذه الأسئلة ، عبر عجالة هذا المقال ، بتصنيف الفنانين المجتهدين في مجموعتين: الأولى تضم  الفنانين الذين يحققون المعايير السائدة المطلوبة في عصرهم ، والثانية تضم الفنانين الذين لا يحققونها تماماً ، ويمكن تصنيف  المسارات الفنية المحتملة لكل من المجموعتين  في مسارين أيضاً :
* يحقق المسار الأول ، فنان من إحدى المجموعتين ..  درس الفن حسب المدرسة السائدة في عصره ، واستمر في تقديم العناصر نفسها طيلة حياته الفنية ، دون أي تفاعل بين عالمه الداخلي مع العالم الخارجي .  إذا كان هذا الفنان يحقق المعايير المطلوبة السائدة  ، فإنه يستطيع  الاستمرار كصورة من الماضي ، أما إذا كان لا يحقق المعايير المطلوبة في الفن السائد ، فإن مساره سينتهي حتماً  إلى طريق مسدودة …
* يحقق المسار الثاني فنان من إحدى المجموعتين ، درس الفن حسب السائدة في عصره ، ولكنه تفاعل مع ظروف خارجية ،  فخرج في نتاجه الفني عن السائد .إذا كان التفاعل محققاً من خلال التنافس مع آخرين  ، فإنه سوف  ينتج عناصر فنية جديدة ، وإذا كان محققاً التواصل مع تطورات الحياة الاجتماعية العامة ، فإنه سوف يحقق مضامين جديدة ، أما إذا كان أساسه انعكاساً للعالم الداخلي الخاص ، فسوف ينتج أداء وحساً جديداً . ويزداد الفنان كبراً ، وتزداد  عناصر فنه غنى ، كلما تداخلت هذه التفاعلات ، إلى أن تصل إلى تحقيق نوعية تتشابك  فيها خلايا التطور ، لتتوصل بالنتيجة إلى ناتج إبداعي حقيقي . أعتقد أن وهج تلك الحالة النوعية الموصوفة ، سوف يغطي على عدم تحقيق الفنان للمعايير السائدة ، إن كانت تلك هي الحالة ،لأن ذلك الفنان ، سيكون قد ساهم في تغييرها ، لتكون أقرب ما تكون إليه هو .

مع مرور الوقت ، تغيب المعايير القديمة ، و ينحسر ما كان سائداً ،  لأن إبداعاً حقيقياً نتج عن تفاعلات إبداعية جديدة غلفه.. ليصبح أساس المعايير الجديدة ، ولكنه بالمقابل ، سيفسح في المجال أمام فنانين جدد ، مزودين بالحد الأدنى من الموهبة والصنعة ، الواجب توفرهما في أي فنان حقيقي ، لكي  يدخلوا عالم الفن ، عبر نسخ مشوهة مما أصبح مقبولاً ، من المعايير الجديدة ، دون أن يكون لديهم ما يتفاعل ويتطور .. فإذا بالإبداع يغيب ، وإذا بالذوق العام يهبط ، وإذا بالناتج الفني الجديد أيضاً ، يصبح نسخة مشوهة عن فن الأمس القريب.

لم يكن صوت عبد الحليم حافظ يحقق معايير الغناء السائدة.. من قدرة في الصوت ، ومساحة صوتية عريضة ، ومعرفة في المقامات الشرقية ، وتمَكُّنٍ  في أصول الارتجال.. ولكنه كان يحمل خصائص جديدة، استقر فيها صدق الإحساس بالمعاني ، والتعبير عنها  ، إضافة إلى أنه تمكن من توظيف  معرفته الموسيقية ، في سعيه الدؤوب إلى تغليف نقائص صوته ، وتوجيه الضوء إلى مزايا أخرى فيه ، كالدفء والليونة والقدرة على التعبير، مستفيداً من ذكائه النادر ،الذي دفعه إلى التفاعل مع ظروف عصره الاجتماعية والفنية ، متشابكاً في هذا مع ظروفه الصحية والنفسية ، فتداخل العام والخاص ، وأنتج تلك النوعية ، التي استطاعت عبر إقبال الجمهور على نتاجها الفني  الجديد ، أن تغير معايير الاستماع السائدة ، محققة آخر صورة زاهية للغناء العربي ، في النصف الثاني من القرن العشرين ، لم يستطع أي مغن عربي ظهر بعدها أن يتجاوزها ، لأن السمة الغالبة على التفاعل الخارجي ، أصبحت تتمثل غالباً في تقليد إيقاع العصر السريع الذي يطحن الأعصاب ويفتت المشاعر.

تفاعل العام والخاص..

هل يمكن أن يكون الفنان ، في ظروف حياته الشخصية ، صورة لواقع ، وصورة لتطور التنافس الفني العام  ، في الوقت نفسه ؟
مهما كانت الإجابة غريبة ، فلابد من إطلاقها .. أعتقد أن الأستاذ الحليم حافظ حقق هذه الحالة النادرة ، فقد قاربت حياته الشخصية واليائسة  ، بظروفها المتفائلة والمتشائمة ، أن تصف ظروف المجتمع العربي ، والمجتمع الفني ، اللذين عاصرتهما ، في آن واحد .. تعالوا معي ندقق في هذه الصورة ..

المرحلة الأولى: الشباب والتفاؤل والذكاء..

عبد الحليم وعبد الناصر

عبد الحليم وعبد الناصر

عاش عبد الحليم شبابه الأول في منتصف الخمسينات ، أي  في مرحلة صبغت بتفاؤل كان يعم العالم العربي . كانت الدول العربية تتخلص من بقايا الاستعمار ، وتحصل على استقلالها ، الواحدة بعد الأخرى ، وكانت مصر تعيش مرحلة أمل ، حقق  نجاح عملية تأميم قناة السويس عام 1956 ذروة حقيقية لها . بالمقابل ،  كان التنافس الفني يشهد حماساً منقطع النظير في  المرحلة ذاتها .. فالسيدة أم كلثوم تحقق مع السنباطي ورامي ثنائياً رائعاً ،  استأثر بكامل مرحلة الخمسينات ، أما تنافس الأستاذين عبد  الوهاب وفريد الأطرش  فقد كان أيضاً  في أوجه ، وخاصة في مجال استيعاب العناصر الموسيقية الأوربية ، في ناتجهما الفني ، إضافة إلى الأساليب التعبيرية في الموسيقا العربية . وكانت الأفلام الغنائية تتوالى في استعراضات فنية جميلة ، يقدمها فريد الأطرش وليلى مراد.. وكان الرحابنة في لبنان يقدمون مع فيروز عالماً غنائياً جديداً .. وكان التعاون الفني بين قمتي الغناء ..محمد عبد الوهاب  وأم كلثوم مرتقباً .
نعم .. لقد كان الجو الفني غنياً متفائلاً عابقاً  بالتنافس ، الذي كان الجمهور يتابعه بمتعة وسعادة.. كان العصر شاباً..وكان الفن لا يزال شابا”  .. وكان عبد الحليم.. في أوج شبابه .


ما قبل النجومية : مرحلة غائبة عن التوثيق

ولد عبد الحليم شبانة بقرية الحلوات بمصر، في 21 حزيران عام 1929 . توفيت والدته بعد أسبوع من ولادته، ثم توفي والده وعمره خمس سنوات، فأصبح وإخوته بلا عائل. انتقل معهم للعيش في كنف خالهم في الزقازيق، حيث تم إدخاله ملجأ الأيتام بسبب ضيق ذات اليد، ليبقى هناك ثمانية سنوات كاملة.
في 16 أيلول عام 1945 ، انتقل عبد الحليم إلى القاهرة، مع شقيقه الأكبر اسماعيل، الذي حصل على دبلوم معهد الموسيقى العربية. استطاع عبد الحليم الانتساب إلى المعهد العالي للموسيقى المسرحية، ليدرس العزف على آلة ” الأوبوا ” ، ويتخرج، مع زملائه كمال الطويل وأحمد فؤاد حسن وفايدة كامل وعلي اسماعيل، بعد ثلاث سنوات. عيّن مدرساً للموسيقى بمدرسة طنطا الابتدائية للبنات، ثم عين في عام 1949 بفرقة موسيقى الإذاعة كعازف على آلة “الأوبوا” .

عبد الحليم يعزف على الأوبوا فيلم دليلة

 بدأ عبد الحليم بالمشاركة بالعزف في فرقة الأنغام الذهبية عام 1948 ، بقيادة الأستاذ عبد الحميد توفيق زكي. كان توفيق زكي مشرفاً على ركن الأناشيد والأغاني الخفيفة في الإذاعة المصرية وكان اسماعيل شبانة يشارك معه في الغناء ، إلى جانب أصوات أخرى . شجعه صديقه كمال الطويل، الموظف بالإذاعة، على دخول عالم الغناء، فأسمع عبد الحليم صوته لعبد الحميد توفيق زكي فاقتنع به . كان الركن يبث أحياناً على الهواء وأحياناً يبع على أسطوانة ليبث لاحقاً ، وكان مسموحاً لمشرف الركن ، أن يُشرك أصواتاً ضمن فرقته أثناء البث ، ولو في الأداء الفردي ، دون أن تكون تلك الأصوات قد أُقرَّت من لجنة الاستماع في الإذاعة ، بحسبان أن الركن للأغاني الخفيفة والأناشيد ، وكذلك ثقةً بخبرة عبد الحميد توفيق زكي . أثناء التحضير لبثٍ على الهواء ، لأغنية كان كتبها المخرج الراحل حسن الإمام : يا سلام – ياللي حبِّك في فؤادي ، وكان من المقرر أن يغنيها كارم محمود ، ولكنه تأخر عن ساعة البث على الهواء ، فطلب عبد الحميد توفيق زكي من عبد الحليم ، أن يغني الأغنية ، فكانت أول أغنية غنَاها عبد الحليم ، إلا أنها للأسف لم تسجل !
بدأ الأستاذ عبد الحميد زكي يلحن خصيصاً لعبد الحليم شبانة ، فوضع له أغنية : ياللي إنتي نجوى في خيالي


غنى عبد الحليم من ألحان عبد الحميد توفيق زكي عدة أغنيات لم تحالفها الشهرة ، ومنها دويتو محلاها الدنيا لعبد الحليم وفايدة كامل و الأصيل الذهبي.
تمكن حافظ عبد الوهاب، رئيس قسم الموسيقى في الإذاعة، الذي اقتنع به وأعطاه اسمه، من اعتماده مطرباً بعد موافقة اللجنة المختصة. كانت أغنية ” لقاء ” من تلحين زميله وصديقه كمال الطويل، وشعر صلاح عبد الصبور، أول أغنية لفتت إليه الأنظار والأسماع، وتبعتها أغنية ” صافيني مرة ” من تلحين صديقه محمد الموجي.


جاءته الفرصة الذهبية، عندما اختاره جلال معوض، ليغني في حفل إعلان ميلاد الجمهورية في 18 يونيو عام 1953 . شجع نجاحه المخرجين على تقديمه للسينما، حيث تعاقد معه المخرج ابراهيم عمارة في 13 كانون أول عام 1954 ، ليمثل أمام شادية فيلم ” لحن الوفاء “، ثم تتالت الأفلام الناجحة، المعتمدة على تمثيله التعبيري، وعلى أغان له، قدمها مع فريق من أصدقائه الملحنين، أمثال كمال الطويل ومحمد الموجي ومنير مراد وعلي اسماعيل، إضافة إلى أحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية، والكتّاب مرسي جميل عزيز وسمير محجوب ومحمد حلاوة ومحمد علي احمد واسماعيل الحبروك؛ كانوا جميعاً في سن واحدة أو متقاربة، فقدموا رؤية جديدة متناسقة لغناء جيلهم، وحققوا النجاح في صفوفه.


استمرت المرحلة الأولى في نجومية و فن عبد الحليم من عام 1954 وحتى عام 1958 ، نقلت السينما الغنائية التي كانت في أوجها نتاجاتها الفنية. كان عبد الحليم  متسلحاً بمعرفة موسيقية ، كما وصفت سابقا” ، مكنته من استيعاب دروس الماضي ، في سعيه للوصول إلى قمة الغناء والبقاء فيها . سوف أؤكد في هذه العجالة على مظهر من مظاهر ذكائه ، تاركاً المظاهر الأخرى إلى مناسبة قادمة ، وأعني بذلك المظهر ، قدرته على توظيف الأساليب التي اتبعتها السيدة أم كلثوم ، للبقاء في قمة العربي لأكثر من خمسين عاما”.اعتمدت أم كلثوم في تحقيق ذلك على ثنائيات موسيقية .. تعاونت مع كلٍ منها  في فترة من فترات مسارها الفني.. فكان رامي والقصبجي مثلاً  ، وكان زكريا أحمد وبيرم التونسي ، والأمثلة كثيرة. استفاد عبد الحليم  ، في تنافسه مع الأستاذ فريد الأطرش ، على زعامة الأغنية السينمائية ، من هذا الأسلوب..مع تطوير له في تشابك الثنائيات ، لتحقيق نكهات مختلفة في الوقت نفسه ..فاعتمد على ثنائيات تشكل  كل منها من ملحن وشاعر.أحصيت لكل ثنائي منها في المرحلة الأولى،من مسار الأستاذ عبد الحليم الفني ، الأغنيات التالية:
الثنائي:كمال الطويل ومرسي جميل عزيز:خمسة أعمال غنائية.
الثنائي:كمال الطويل ومأمون الشناوي:خمسة أعمال  غنائية.
الثنائي:محمد الموجي وحسين السيد:خمسة  أعمال غنائية.
الثنائي:محمد الموجي وسمير محجوب:خمسة أعمال غنائية
الثنائي : محمد الموجي ومأمون الشناوي:أربعة أعمال غنائية.
الثنائي:محمد الموجي ومرسي جميل عزيز:خمسة أعمال  غنائية.
الثنائي : محمد عبد الوهاب وحسين السيد:ستة أعمال غنائية .
كان ناتج تلك لمرحلة  يتمحور من حيث المضمون ، في الإطار العاطفي المتفائل أساساً ، والمعبر عن المواقف التي يمكن أن يتعرض لها كل شاب في  مراحل حياته العاطفية الجديدة ، أما من حيث العناصر الموسيقية فقد كان امتداداً  للناتج الموسيقي الذي كان الأستاذ عبد الوهاب قد توصل إليه في منتصف الخمسينات ، والذي تتمازج فيه عناصر الأصالة مع التغريب  ، إضافة إلى  زيادة جرعة التعبير في الأداء ، على حساب الاستعراضات الصوتية ، بعد أن أثرت التغيرات التي ألمت بصوته ، في قدرته الفذة على أداء تلك الاستعراضات . أعتقد أن هذا الواقع  حقق نوعاً من التمهيد لدى المستمع ، لتقبل صوت عبد الحليم ، بمواصفاته المعروضة آنفاً. كان الاختلاف الوحيد يتجسد في غياب مسحة  التفاؤل عن  الناتج الفني للأستاذ عبد الوهاب ، مما ميز الناتج  الفني لهذه الثنائيات الجديدة ، وحقق لها نكهة خاصة.  لابد من الاعتراف هنا بأن الأستاذ محمد عبد الوهاب انتبه بسرعة إلى هذا الفرق ، فاستدركه في ألحانه للأستاذ عبد الحليم حافظ ، بحيث كان  ناتج الثنائيات كلها ، والتي شكل الأستاذ عبد الوهاب مع الشاعر حسين السيد أحدها ، يجسد خطاً واحداً بنكهات مختلفة.


المرحلة الثانية..الثنائيات تتناقص.. والمحاور تتزايد..

ابتداءً  من عام 1959  ، بدأت معالم التشاؤم تبرز في فن عبد الحليم متزامنة ، مع ظهور علائم المرض المفاجئ لشاب في أوج شبابه.. بدأ ناتج عبد الحليم الغنائي العاطفي يتأثر بغيوم الألم والتشاؤم ، مثله في ذلك مثل منافسه الأول الأستاذ فريد الأطرش ، متعارضاً مع تنامي دوره كصوت يعبر عن الحالة السياسية السائدة  في ذلك الوقت ، ومتأثراً  بتوجه أم كلثوم من جديد إلى تنويع الثنائيات التي تتعامل  معها ، وكأنها، انتبهت إلى أسلوبه في ذلك ، وبانحسار موجة السينما الغنائية بسبب ظهور الجهاز السحري الجديد.. التلفزيون ، الذي أثر على الجهازين الرئيسيين في إيصال الغناء: الإذاعة والسينما الغنائية.
كان من نتائج الواقع الموصوف ، تشكل ثنائي جديد اتجه  أساساً إلى الأغنية الوطنية.. وكانت ركيزتاه الملحن الأستاذ كمال الطويل والشاعر صلاح جاهين  ، إضافة إلى استمرار الأستاذ الطويل مع الشاعر مرسي جميل عزيز في ثنائيهما الذي نما في المرحلة السابقة ، مع توجه جديد إلى الأغنية العاطفية الحزينة ، التي تعبق فيها أجواء التشاؤم  . كان الأستاذ الطويل في هذه المرحلة الملحن الأهم للأستاذ  عبد الحليم ، في الاتجاهين المتعارضين .. أمل المرحلة الوطنية وألم  الحالة النفسية. من أغاني تلك الفترة أغنية بالأحضان مع الثنائي كمال الطويل وصلاح جاهين ..


الأستاذ عبد الوهاب .. الذي أسس مع عبد الحليم ومجدي العمروسي شركة صوت الفن عام 1961 ، تابع مع الشاعر حسين السيد مقدماً الأغنية الوطنية دون تخصص ،ولكنه شكل ثنائياً  جديداً مع الشاعر كامل الشناوي ، في قصائده التي تلاءمت مضامينها مع حالة عبد الحليم وواقعه العاطفي. وكان من نتائج تنويع السيدة أم كلثوم  لملحنيها ، بدء تعاونها مع الأستاذ محمد الموجي  ، مما قد يكون قد تسبب ، إضافة إلى أسباب أخرى ، في تقلص دور الأستاذ الموجي ابتداء من تلك  المرحلة ، في تشكيل أعمال الأستاذ عبد الحليم  الغنائية ولسنوات طويلة قادمة.انعكست المضامين الجديدة على العناصر الموسيقية ، فزادت جرعة التعبير الدرامي ، والأداء الصوتي المتطور الصادق ، عند الأستاذ عبد الحليم .

عبد الحليم وعبد الوهاب

أحصيت في هذه المرحلة  ، التي امتدت  اعتباراً من  عام 1959 وحتى عام  1966 الثنائيات التالية وأعمالها:
الثنائي الأول:كمال الطويل وصلاح جاهين: خمسة أعمال غنائية وطنية.
الثنائي الثاني: كمال الطويل ومرسي جميل عزيز: ثمانية أعمال عاطفية.
الثنائي الثالث:محمد عبد الوهاب وحسين السيد:ثلاثة أعمال غنائية ووطنية .
الثنائي الرابع: محمد عبد الوهاب وكامل الشناوي: أغنيتان عاطفيتان.وقد اعتبرتهما  ثنائياً  لتميز نكهة ناتجهما الفني ، الذي يمكن أن نضم إليه عملاً  لحنه الأستاذ الموجي بالأسلوب نفسه ، وبالنكهة ذاتها من شعر كامل الشناوي أيضاً  ، وقد يكون ذلك بسبب توافق المضمون في الأعمال الثلاثة : أنت قلبي ، حبيبها، لا تكذبي .

يمكن الإشارة هنا إلى أعماله مع منير مراد في استمرار لخط التفاؤل المواكب للتفاؤل الوطني العام  ومنها مثلاً : ضحك ولعب وجد وحب .


يرجى متابعة القراءة من خلال الرقم 2 أسفل الصفحة

Tagged , , , , , , , , , , . Bookmark the permalink.

2 Responses to عبد الحليم حافظ : مسيرة فنية نجحت في مقاومة المرض والإحباط بإشاعة الأمل قبل أن تخمدها نكبات الوطن و اختلاطات الخلايا

  1. ياسمين says:

    تحليل رائع

  2. aghawebmaster says:

    أشكركم